عجــائب يوهو الطبيعية
في ما مضى كان منتزه يوهو الوطني مجردَ محطة توقف لقطارات تخترق البراري، وها هو اليوم يتحول إلى موطن مهم لهواة المشاهد الطبيعية الخلابة وللعلماء على حد سواء.قبل نحو قرن من الزمان، وعلى جوانب جبل فيلد في "منتزه يوهو الوطني" بكندا، وجد "شارلز دوليتل...
في ما مضى كان منتزه يوهو الوطني مجردَ محطة توقف لقطارات تخترق البراري، وها هو اليوم يتحول إلى موطن مهم لهواة المشاهد الطبيعية الخلابة وللعلماء على حد سواء.
قبل نحو قرن من الزمان، وعلى جوانب جبل فيلد في "منتزه يوهو الوطني" بكندا، وجد "شارلز دوليتل والكوت" الذي كان آنذاك مدير متحف سميثسونيان وأحد أشهر علماء الحفريات في عصره، أمرين كفيلين بتغيير حياة المرء. فأما الاكتشاف الأول فكان ما يعده كثير من الناس أفضل طبقات أحفورية في العالم، ألا وهو محجر يحمل اسمه اليوم (محجر والكوت). وأما الاكتشاف الثاني فهو زوجته الثالثة، "ماري فوكس"، والتي ما لبث أن أَطلق اسمها العائلي على نوع من الإسفنج المتحجر.
ومن الطبيعي أن يكون أول الاكتشافين مثارَ اهتمام الزوار الحاليين لهذا المنتزه الأكثر بهاءً والأرفع شأناً بين سائر منتزهات جبال روكي الكندية المحيطة به.. وإن كانت هذه الأخيرة أكثر حظاً من حيث اهتمام الجمهور. فلقد أُدرج "سِجِّيل بورغيس" (Burgess Shale) الذي يضم "محجر والكوت" في قائمة التراث الإنساني العالمي لمنظمة "اليونسكو" عام 1980. وبعدها ببضع سنوات، ألَّفَ خبير علم الأحياء التطوري، "ستيفن جاي غولد"، كتابه الشهير "Wonderful Life" (الحياة الرائعة)، ووصف فيه سِجِّيل بورغيس بكونه "أكثر المواقع الأحفورية ثراءً وأكبرها أهمية على الإطلاق". ذلك أن هذا الموقع يحوي كنزاً من المخلوقات البحرية لعصر الكمبري التي ما زالت محفوظة حفظاً تاماً، إذ اكتُشف فيه ما يزيد عن 200 ألف عينة غريبة المظهر، فضلاً عن أعداد لا تعد ولا تحصى من المخلوقات الأخرى التي ما زالت بانتظار معاول علماء الآثار والأحافير.
بَيد أن غولد وعلماء آخرين قدّروا أن جلّ أشكال الحياة التي وُجدت في سجيل بورغيس -من حيوان "الويواكسيا" الشوكي المدرع إلى "الأوبابنيا" ذي الجسم الرخو والمخلب الشبيه بخرطوم الفيل- إنما هي مخلوقات قد توقفت عن التطور فانتهى مآلها إلى الزوال، دون أن تتحدر من نسلها أي أشكال معاصرة. وقد استدلّ غولد بغزارة المخلوقات وتنوعها الهائل خلال العصر الكمبري وما تلاه من اختفاء لجلّ السلالات التي تطورت من تلك المخلوقات، ليحاجَّ بأن مبدأ "البقاء للأقوى" لديه نظير لا يقل عنه أهمية، ألا وهو: الحظ والنصيب. وفي هذا المقام، طُرح سؤالان: هل يعد تطور الكائنات أمراً تحدده الظروف الطارئة بصفة جزئية؟ وهل التاريخ الطبيعي محكومٌ بالحظ والصدفة؟ وما فتئ هذا النقاش العلمي يحتدم منذ ذلك الزمن.. لكن جلّه يدور بعيداً خارج حدود منتزه يوهو الوطني حيث يقبع سجيل بورغيس. ولكي يُدرك المرء جاذبية هذا المنتزه بعينه يُستحسَن التركيز على المرأة المتميزة التي كانت أيضا على جانب الجبل: ماري فوكس؛ إذ إن لعائلتِها قصة تحكي عن أن اكتشاف أمر بالمصادفة يمكن أن يبدو مثل قدر محتوم.
قبل نحو قرن من الزمان، وعلى جوانب جبل فيلد في "منتزه يوهو الوطني" بكندا، وجد "شارلز دوليتل والكوت" الذي كان آنذاك مدير متحف سميثسونيان وأحد أشهر علماء الحفريات في عصره، أمرين كفيلين بتغيير حياة المرء. فأما الاكتشاف الأول فكان ما يعده كثير من الناس أفضل طبقات أحفورية في العالم، ألا وهو محجر يحمل اسمه اليوم (محجر والكوت). وأما الاكتشاف الثاني فهو زوجته الثالثة، "ماري فوكس"، والتي ما لبث أن أَطلق اسمها العائلي على نوع من الإسفنج المتحجر.
ومن الطبيعي أن يكون أول الاكتشافين مثارَ اهتمام الزوار الحاليين لهذا المنتزه الأكثر بهاءً والأرفع شأناً بين سائر منتزهات جبال روكي الكندية المحيطة به.. وإن كانت هذه الأخيرة أكثر حظاً من حيث اهتمام الجمهور. فلقد أُدرج "سِجِّيل بورغيس" (Burgess Shale) الذي يضم "محجر والكوت" في قائمة التراث الإنساني العالمي لمنظمة "اليونسكو" عام 1980. وبعدها ببضع سنوات، ألَّفَ خبير علم الأحياء التطوري، "ستيفن جاي غولد"، كتابه الشهير "Wonderful Life" (الحياة الرائعة)، ووصف فيه سِجِّيل بورغيس بكونه "أكثر المواقع الأحفورية ثراءً وأكبرها أهمية على الإطلاق". ذلك أن هذا الموقع يحوي كنزاً من المخلوقات البحرية لعصر الكمبري التي ما زالت محفوظة حفظاً تاماً، إذ اكتُشف فيه ما يزيد عن 200 ألف عينة غريبة المظهر، فضلاً عن أعداد لا تعد ولا تحصى من المخلوقات الأخرى التي ما زالت بانتظار معاول علماء الآثار والأحافير.
بَيد أن غولد وعلماء آخرين قدّروا أن جلّ أشكال الحياة التي وُجدت في سجيل بورغيس -من حيوان "الويواكسيا" الشوكي المدرع إلى "الأوبابنيا" ذي الجسم الرخو والمخلب الشبيه بخرطوم الفيل- إنما هي مخلوقات قد توقفت عن التطور فانتهى مآلها إلى الزوال، دون أن تتحدر من نسلها أي أشكال معاصرة. وقد استدلّ غولد بغزارة المخلوقات وتنوعها الهائل خلال العصر الكمبري وما تلاه من اختفاء لجلّ السلالات التي تطورت من تلك المخلوقات، ليحاجَّ بأن مبدأ "البقاء للأقوى" لديه نظير لا يقل عنه أهمية، ألا وهو: الحظ والنصيب. وفي هذا المقام، طُرح سؤالان: هل يعد تطور الكائنات أمراً تحدده الظروف الطارئة بصفة جزئية؟ وهل التاريخ الطبيعي محكومٌ بالحظ والصدفة؟ وما فتئ هذا النقاش العلمي يحتدم منذ ذلك الزمن.. لكن جلّه يدور بعيداً خارج حدود منتزه يوهو الوطني حيث يقبع سجيل بورغيس. ولكي يُدرك المرء جاذبية هذا المنتزه بعينه يُستحسَن التركيز على المرأة المتميزة التي كانت أيضا على جانب الجبل: ماري فوكس؛ إذ إن لعائلتِها قصة تحكي عن أن اكتشاف أمر بالمصادفة يمكن أن يبدو مثل قدر محتوم.
عجــائب يوهو الطبيعية
في ما مضى كان منتزه يوهو الوطني مجردَ محطة توقف لقطارات تخترق البراري، وها هو اليوم يتحول إلى موطن مهم لهواة المشاهد الطبيعية الخلابة وللعلماء على حد سواء.قبل نحو قرن من الزمان، وعلى جوانب جبل فيلد في "منتزه يوهو الوطني" بكندا، وجد "شارلز دوليتل...
في ما مضى كان منتزه يوهو الوطني مجردَ محطة توقف لقطارات تخترق البراري، وها هو اليوم يتحول إلى موطن مهم لهواة المشاهد الطبيعية الخلابة وللعلماء على حد سواء.
قبل نحو قرن من الزمان، وعلى جوانب جبل فيلد في "منتزه يوهو الوطني" بكندا، وجد "شارلز دوليتل والكوت" الذي كان آنذاك مدير متحف سميثسونيان وأحد أشهر علماء الحفريات في عصره، أمرين كفيلين بتغيير حياة المرء. فأما الاكتشاف الأول فكان ما يعده كثير من الناس أفضل طبقات أحفورية في العالم، ألا وهو محجر يحمل اسمه اليوم (محجر والكوت). وأما الاكتشاف الثاني فهو زوجته الثالثة، "ماري فوكس"، والتي ما لبث أن أَطلق اسمها العائلي على نوع من الإسفنج المتحجر.
ومن الطبيعي أن يكون أول الاكتشافين مثارَ اهتمام الزوار الحاليين لهذا المنتزه الأكثر بهاءً والأرفع شأناً بين سائر منتزهات جبال روكي الكندية المحيطة به.. وإن كانت هذه الأخيرة أكثر حظاً من حيث اهتمام الجمهور. فلقد أُدرج "سِجِّيل بورغيس" (Burgess Shale) الذي يضم "محجر والكوت" في قائمة التراث الإنساني العالمي لمنظمة "اليونسكو" عام 1980. وبعدها ببضع سنوات، ألَّفَ خبير علم الأحياء التطوري، "ستيفن جاي غولد"، كتابه الشهير "Wonderful Life" (الحياة الرائعة)، ووصف فيه سِجِّيل بورغيس بكونه "أكثر المواقع الأحفورية ثراءً وأكبرها أهمية على الإطلاق". ذلك أن هذا الموقع يحوي كنزاً من المخلوقات البحرية لعصر الكمبري التي ما زالت محفوظة حفظاً تاماً، إذ اكتُشف فيه ما يزيد عن 200 ألف عينة غريبة المظهر، فضلاً عن أعداد لا تعد ولا تحصى من المخلوقات الأخرى التي ما زالت بانتظار معاول علماء الآثار والأحافير.
بَيد أن غولد وعلماء آخرين قدّروا أن جلّ أشكال الحياة التي وُجدت في سجيل بورغيس -من حيوان "الويواكسيا" الشوكي المدرع إلى "الأوبابنيا" ذي الجسم الرخو والمخلب الشبيه بخرطوم الفيل- إنما هي مخلوقات قد توقفت عن التطور فانتهى مآلها إلى الزوال، دون أن تتحدر من نسلها أي أشكال معاصرة. وقد استدلّ غولد بغزارة المخلوقات وتنوعها الهائل خلال العصر الكمبري وما تلاه من اختفاء لجلّ السلالات التي تطورت من تلك المخلوقات، ليحاجَّ بأن مبدأ "البقاء للأقوى" لديه نظير لا يقل عنه أهمية، ألا وهو: الحظ والنصيب. وفي هذا المقام، طُرح سؤالان: هل يعد تطور الكائنات أمراً تحدده الظروف الطارئة بصفة جزئية؟ وهل التاريخ الطبيعي محكومٌ بالحظ والصدفة؟ وما فتئ هذا النقاش العلمي يحتدم منذ ذلك الزمن.. لكن جلّه يدور بعيداً خارج حدود منتزه يوهو الوطني حيث يقبع سجيل بورغيس. ولكي يُدرك المرء جاذبية هذا المنتزه بعينه يُستحسَن التركيز على المرأة المتميزة التي كانت أيضا على جانب الجبل: ماري فوكس؛ إذ إن لعائلتِها قصة تحكي عن أن اكتشاف أمر بالمصادفة يمكن أن يبدو مثل قدر محتوم.
قبل نحو قرن من الزمان، وعلى جوانب جبل فيلد في "منتزه يوهو الوطني" بكندا، وجد "شارلز دوليتل والكوت" الذي كان آنذاك مدير متحف سميثسونيان وأحد أشهر علماء الحفريات في عصره، أمرين كفيلين بتغيير حياة المرء. فأما الاكتشاف الأول فكان ما يعده كثير من الناس أفضل طبقات أحفورية في العالم، ألا وهو محجر يحمل اسمه اليوم (محجر والكوت). وأما الاكتشاف الثاني فهو زوجته الثالثة، "ماري فوكس"، والتي ما لبث أن أَطلق اسمها العائلي على نوع من الإسفنج المتحجر.
ومن الطبيعي أن يكون أول الاكتشافين مثارَ اهتمام الزوار الحاليين لهذا المنتزه الأكثر بهاءً والأرفع شأناً بين سائر منتزهات جبال روكي الكندية المحيطة به.. وإن كانت هذه الأخيرة أكثر حظاً من حيث اهتمام الجمهور. فلقد أُدرج "سِجِّيل بورغيس" (Burgess Shale) الذي يضم "محجر والكوت" في قائمة التراث الإنساني العالمي لمنظمة "اليونسكو" عام 1980. وبعدها ببضع سنوات، ألَّفَ خبير علم الأحياء التطوري، "ستيفن جاي غولد"، كتابه الشهير "Wonderful Life" (الحياة الرائعة)، ووصف فيه سِجِّيل بورغيس بكونه "أكثر المواقع الأحفورية ثراءً وأكبرها أهمية على الإطلاق". ذلك أن هذا الموقع يحوي كنزاً من المخلوقات البحرية لعصر الكمبري التي ما زالت محفوظة حفظاً تاماً، إذ اكتُشف فيه ما يزيد عن 200 ألف عينة غريبة المظهر، فضلاً عن أعداد لا تعد ولا تحصى من المخلوقات الأخرى التي ما زالت بانتظار معاول علماء الآثار والأحافير.
بَيد أن غولد وعلماء آخرين قدّروا أن جلّ أشكال الحياة التي وُجدت في سجيل بورغيس -من حيوان "الويواكسيا" الشوكي المدرع إلى "الأوبابنيا" ذي الجسم الرخو والمخلب الشبيه بخرطوم الفيل- إنما هي مخلوقات قد توقفت عن التطور فانتهى مآلها إلى الزوال، دون أن تتحدر من نسلها أي أشكال معاصرة. وقد استدلّ غولد بغزارة المخلوقات وتنوعها الهائل خلال العصر الكمبري وما تلاه من اختفاء لجلّ السلالات التي تطورت من تلك المخلوقات، ليحاجَّ بأن مبدأ "البقاء للأقوى" لديه نظير لا يقل عنه أهمية، ألا وهو: الحظ والنصيب. وفي هذا المقام، طُرح سؤالان: هل يعد تطور الكائنات أمراً تحدده الظروف الطارئة بصفة جزئية؟ وهل التاريخ الطبيعي محكومٌ بالحظ والصدفة؟ وما فتئ هذا النقاش العلمي يحتدم منذ ذلك الزمن.. لكن جلّه يدور بعيداً خارج حدود منتزه يوهو الوطني حيث يقبع سجيل بورغيس. ولكي يُدرك المرء جاذبية هذا المنتزه بعينه يُستحسَن التركيز على المرأة المتميزة التي كانت أيضا على جانب الجبل: ماري فوكس؛ إذ إن لعائلتِها قصة تحكي عن أن اكتشاف أمر بالمصادفة يمكن أن يبدو مثل قدر محتوم.