قلاع الصين المنسية

التولو -أو الأبنية الطينية- في إقليم "فوجيان" بجنوب شرق الصين، هي بيوت تقليدية بناها شعب "الهاكا" الذين هاجروا جنوبا إلى هذه المنطقة.
ها قد انطلق العَـدّ..بدأ الأمر مجرد لعبة أتحدى فيها نفسي، محاولاً إحصاء عدد هذه الأبنية الغريبة الشبيهة بالحصون، من نافذة السيارة. كانت ضخمة، تَلوح كمركبات فضائية في ريف إقليم "فوجيان" بجنوب شرق الصين. بدا أن لكل قرية مبنى واحداً أو اثنين أو أكثر من...
ها قد انطلق العَـدّ..

بدأ الأمر مجرد لعبة أتحدى فيها نفسي، محاولاً إحصاء عدد هذه الأبنية الغريبة الشبيهة بالحصون، من نافذة السيارة. كانت ضخمة، تَلوح كمركبات فضائية في ريف إقليم "فوجيان" بجنوب شرق الصين. بدا أن لكل قرية مبنى واحداً أو اثنين أو أكثر من هذه الأبنية.

تطورت اللعبة إلى هوس، فرُحتُ أطلب إلى كل سائق أن ينزلني عند تخوم القرى الواقعة بين التلال لأنطلق في المشي.. والعَدِّ.
أحصيتُ 13 تولو في قرية "هيكينغ" التي تضم بضع مئات من السكان. تعني كلمة "تولو" في اللغة الصينية، البناء الطيني، وهو تعريف متواضع يبخسها قيمتها الحقيقية، إذ يشبه وصف مبنى الكوليسيوم الروماني بأنه "دائرة حجرية". تبدو على أبنية التولو هيأة القرون الوسطى، بجدرانها المرتفعة ولونها البني الفاتح ونوافذها الصغيرة في الطوابق العليا. ولدى كل منها -في الغالب- باب وحيد من الخشب المكسو بالحديد.
سرعان ما تُقتُ إلى أكثر من مجرد الوقوف في الخارج والنظر بانبهار إلى هذه الأبنية ذات الأشكال المتنوعة -وإن كان المربع والدائرة هما الغالبين- فرغبتُ في دخول كل تولو أحصيه. غالبا ما كانت الأبواب الخارجية مفتوحة، فدخلت.. وظللت أدخل. وإليكم ما وجدت.
بدايةً، يجدر القول إن الشكل الخارجي لا ينبئُ الزائرَ بما سيجد في الداخل؛ فالخارج يشبه مؤسسة سجنية، أما الداخل فشاسع كقاعة حفلات. تقف الغرف الخشبية بشكل مهيب على ارتفاعات تبلغ حتى خمسة طوابق، وهي تحيط بفناء مفتوح فسيح يغمره ضوء النهار. بُنيت الطوابق من الخشب الداكن، ويحوي كل منها غرفاً صغيرة متتالية تتشابه من حيث مساحتها كما لو كانت ترنيمة هندسية. وتمتد الممرات على طول كل طابقٍ لتسايره في التفافه والتوائه.

عادةً ما يؤثِّثُ الفناءَ المفتوحَ المرصَّفَ بالحصاة بئرُ ماء أو بئران، فضلا عن مَقام صغير به زخارف، خُصص لذِكر الأسلافِ والتبرّك بهم. يفرض هذا الفضاءُ على المرءِ أن يتابع دورانه عبر الممرات المدوِّخة وهو ينظر إلى المتتالية العجيبة من الغرف، ومنظرِ السماء والجبال في الأعلى، وجرأةِ تصميم يؤوي مجتمعاً كاملا بين جنبات صرح عملاق منيع.

قلاع الصين المنسية

التولو -أو الأبنية الطينية- في إقليم "فوجيان" بجنوب شرق الصين، هي بيوت تقليدية بناها شعب "الهاكا" الذين هاجروا جنوبا إلى هذه المنطقة.
ها قد انطلق العَـدّ..بدأ الأمر مجرد لعبة أتحدى فيها نفسي، محاولاً إحصاء عدد هذه الأبنية الغريبة الشبيهة بالحصون، من نافذة السيارة. كانت ضخمة، تَلوح كمركبات فضائية في ريف إقليم "فوجيان" بجنوب شرق الصين. بدا أن لكل قرية مبنى واحداً أو اثنين أو أكثر من...
ها قد انطلق العَـدّ..

بدأ الأمر مجرد لعبة أتحدى فيها نفسي، محاولاً إحصاء عدد هذه الأبنية الغريبة الشبيهة بالحصون، من نافذة السيارة. كانت ضخمة، تَلوح كمركبات فضائية في ريف إقليم "فوجيان" بجنوب شرق الصين. بدا أن لكل قرية مبنى واحداً أو اثنين أو أكثر من هذه الأبنية.

تطورت اللعبة إلى هوس، فرُحتُ أطلب إلى كل سائق أن ينزلني عند تخوم القرى الواقعة بين التلال لأنطلق في المشي.. والعَدِّ.
أحصيتُ 13 تولو في قرية "هيكينغ" التي تضم بضع مئات من السكان. تعني كلمة "تولو" في اللغة الصينية، البناء الطيني، وهو تعريف متواضع يبخسها قيمتها الحقيقية، إذ يشبه وصف مبنى الكوليسيوم الروماني بأنه "دائرة حجرية". تبدو على أبنية التولو هيأة القرون الوسطى، بجدرانها المرتفعة ولونها البني الفاتح ونوافذها الصغيرة في الطوابق العليا. ولدى كل منها -في الغالب- باب وحيد من الخشب المكسو بالحديد.
سرعان ما تُقتُ إلى أكثر من مجرد الوقوف في الخارج والنظر بانبهار إلى هذه الأبنية ذات الأشكال المتنوعة -وإن كان المربع والدائرة هما الغالبين- فرغبتُ في دخول كل تولو أحصيه. غالبا ما كانت الأبواب الخارجية مفتوحة، فدخلت.. وظللت أدخل. وإليكم ما وجدت.
بدايةً، يجدر القول إن الشكل الخارجي لا ينبئُ الزائرَ بما سيجد في الداخل؛ فالخارج يشبه مؤسسة سجنية، أما الداخل فشاسع كقاعة حفلات. تقف الغرف الخشبية بشكل مهيب على ارتفاعات تبلغ حتى خمسة طوابق، وهي تحيط بفناء مفتوح فسيح يغمره ضوء النهار. بُنيت الطوابق من الخشب الداكن، ويحوي كل منها غرفاً صغيرة متتالية تتشابه من حيث مساحتها كما لو كانت ترنيمة هندسية. وتمتد الممرات على طول كل طابقٍ لتسايره في التفافه والتوائه.

عادةً ما يؤثِّثُ الفناءَ المفتوحَ المرصَّفَ بالحصاة بئرُ ماء أو بئران، فضلا عن مَقام صغير به زخارف، خُصص لذِكر الأسلافِ والتبرّك بهم. يفرض هذا الفضاءُ على المرءِ أن يتابع دورانه عبر الممرات المدوِّخة وهو ينظر إلى المتتالية العجيبة من الغرف، ومنظرِ السماء والجبال في الأعلى، وجرأةِ تصميم يؤوي مجتمعاً كاملا بين جنبات صرح عملاق منيع.