المَرْماح.. مجدٌ على صهوة فرس
بعد أدائه صلاة العصر داخل أحد مساجد قرية "الترامسة" النائية في محافظة قنا، توجه "علي أبو الحمد عليوه" إلى غرفة واسعة مُلحقة بمنزله طُليت جدرانها باللون الأزرق لتليق بساكنها المميز: الفرس "تيمور".عَبَرَ الرجل باب الغرفة الذي تعلوه لوحة كُتبت عليها عبارة...
بعد أدائه صلاة العصر داخل أحد مساجد قرية "الترامسة" النائية في محافظة قنا، توجه "علي أبو الحمد عليوه" إلى غرفة واسعة مُلحقة بمنزله طُليت جدرانها باللون الأزرق لتليق بساكنها المميز: الفرس "تيمور".
عَبَرَ الرجل باب الغرفة الذي تعلوه لوحة كُتبت عليها عبارة "شارع الخيّال علي" تيمناً باسمه، فهزّ "تيمور" رأسه صعوداً ونزولاً احتفاءً بقدوم صاحبه. نظر إلى الركن حيث ترك لفرسه العلف الذي يحبه وهو البلح، فاطمأن إلى أنه تناول الكمية كلها. مسح عليوه بكفه جسم الفرس ثم شرع في تزيينه بأفضل الزينة وأجملها؛ عقود من الفضة الخالصة حول الرقبة، وحُلي نحاسية فوق الأنف، ومشغولات من القطن الطبيعي الملون تتدلى من كل جانب من جوانب الرأس، وأخيراً تعويذة "الخمسة وخميسة" الشهيرة بعينها الزرقاء الواقية "من شر حاسد إذا حسد".
ومع اكتمال الزينة وما يستتبعها من "أساسيات تجهيز الركوب" -التي تتضمن الرِّكاب والصَّريمة واللجام والرأس واللباد والرشّمة والوِّش- يمتطي الخيّال فرسه وينطلق مسرعاً نحو "الساحة" حيث ينتظر عشرات الفرسان المتوثّبين الذين أدوا مثله طقوس التجهيز، تُحيط بهم آلاف مؤلفة من الجمهور المتحمس التوّاق إلى بدء منافسات الحدث السنوي المنتظر. ففي كل عام، ومع انطلاق مواسم احتفالات المولد التقليدية في قرى مصر ونجوعها، تبدأ استعدادات القبائل والعائلات الكبرى في مناطق الصعيد لحدث توارثوه -بُعيد الفتح الإسلامي لمصر من قبائل الجزيرة العربية الذين كانت تشكل الخيول لديهم أحد أهم ركائز الحياة الاجتماعية والثقافية والاقتصادية- منذ زمن بعيد: "المَرْمَاح".
وكلمة "المَرْمَاح" حسب عماد عبد الهادي -وهو صحافي وباحث مصري متخصص في الفنون الشعبية- مشتقة من فعل "رَمَحْ" ويعني العَدْوَ والجري، وهو فعلٌ ملازمٌ للخيل يرمز إلى سرعة عَدوِها أثناء السباقات. يقول عبد الهادي: "غالباً ما يردد أبناء الصعيد عبارة 'دع الخيل تَرْمَح'، من هنا اِشتُقَت تسمية هذا السباق الشعبي الذي ترافقه أهازيج المزمار البلدي ويقام إلى جانب ضريح ولي مشهور ينظمه المحتفلون بمولده. وعادة ما يبدأ سباق المرماح بعد صلاة العصر وينفضُّ مع تكبيرات صلاة المغرب".
عَبَرَ الرجل باب الغرفة الذي تعلوه لوحة كُتبت عليها عبارة "شارع الخيّال علي" تيمناً باسمه، فهزّ "تيمور" رأسه صعوداً ونزولاً احتفاءً بقدوم صاحبه. نظر إلى الركن حيث ترك لفرسه العلف الذي يحبه وهو البلح، فاطمأن إلى أنه تناول الكمية كلها. مسح عليوه بكفه جسم الفرس ثم شرع في تزيينه بأفضل الزينة وأجملها؛ عقود من الفضة الخالصة حول الرقبة، وحُلي نحاسية فوق الأنف، ومشغولات من القطن الطبيعي الملون تتدلى من كل جانب من جوانب الرأس، وأخيراً تعويذة "الخمسة وخميسة" الشهيرة بعينها الزرقاء الواقية "من شر حاسد إذا حسد".
ومع اكتمال الزينة وما يستتبعها من "أساسيات تجهيز الركوب" -التي تتضمن الرِّكاب والصَّريمة واللجام والرأس واللباد والرشّمة والوِّش- يمتطي الخيّال فرسه وينطلق مسرعاً نحو "الساحة" حيث ينتظر عشرات الفرسان المتوثّبين الذين أدوا مثله طقوس التجهيز، تُحيط بهم آلاف مؤلفة من الجمهور المتحمس التوّاق إلى بدء منافسات الحدث السنوي المنتظر. ففي كل عام، ومع انطلاق مواسم احتفالات المولد التقليدية في قرى مصر ونجوعها، تبدأ استعدادات القبائل والعائلات الكبرى في مناطق الصعيد لحدث توارثوه -بُعيد الفتح الإسلامي لمصر من قبائل الجزيرة العربية الذين كانت تشكل الخيول لديهم أحد أهم ركائز الحياة الاجتماعية والثقافية والاقتصادية- منذ زمن بعيد: "المَرْمَاح".
وكلمة "المَرْمَاح" حسب عماد عبد الهادي -وهو صحافي وباحث مصري متخصص في الفنون الشعبية- مشتقة من فعل "رَمَحْ" ويعني العَدْوَ والجري، وهو فعلٌ ملازمٌ للخيل يرمز إلى سرعة عَدوِها أثناء السباقات. يقول عبد الهادي: "غالباً ما يردد أبناء الصعيد عبارة 'دع الخيل تَرْمَح'، من هنا اِشتُقَت تسمية هذا السباق الشعبي الذي ترافقه أهازيج المزمار البلدي ويقام إلى جانب ضريح ولي مشهور ينظمه المحتفلون بمولده. وعادة ما يبدأ سباق المرماح بعد صلاة العصر وينفضُّ مع تكبيرات صلاة المغرب".
المَرْماح.. مجدٌ على صهوة فرس
- محمد طاهر
بعد أدائه صلاة العصر داخل أحد مساجد قرية "الترامسة" النائية في محافظة قنا، توجه "علي أبو الحمد عليوه" إلى غرفة واسعة مُلحقة بمنزله طُليت جدرانها باللون الأزرق لتليق بساكنها المميز: الفرس "تيمور".عَبَرَ الرجل باب الغرفة الذي تعلوه لوحة كُتبت عليها عبارة...
بعد أدائه صلاة العصر داخل أحد مساجد قرية "الترامسة" النائية في محافظة قنا، توجه "علي أبو الحمد عليوه" إلى غرفة واسعة مُلحقة بمنزله طُليت جدرانها باللون الأزرق لتليق بساكنها المميز: الفرس "تيمور".
عَبَرَ الرجل باب الغرفة الذي تعلوه لوحة كُتبت عليها عبارة "شارع الخيّال علي" تيمناً باسمه، فهزّ "تيمور" رأسه صعوداً ونزولاً احتفاءً بقدوم صاحبه. نظر إلى الركن حيث ترك لفرسه العلف الذي يحبه وهو البلح، فاطمأن إلى أنه تناول الكمية كلها. مسح عليوه بكفه جسم الفرس ثم شرع في تزيينه بأفضل الزينة وأجملها؛ عقود من الفضة الخالصة حول الرقبة، وحُلي نحاسية فوق الأنف، ومشغولات من القطن الطبيعي الملون تتدلى من كل جانب من جوانب الرأس، وأخيراً تعويذة "الخمسة وخميسة" الشهيرة بعينها الزرقاء الواقية "من شر حاسد إذا حسد".
ومع اكتمال الزينة وما يستتبعها من "أساسيات تجهيز الركوب" -التي تتضمن الرِّكاب والصَّريمة واللجام والرأس واللباد والرشّمة والوِّش- يمتطي الخيّال فرسه وينطلق مسرعاً نحو "الساحة" حيث ينتظر عشرات الفرسان المتوثّبين الذين أدوا مثله طقوس التجهيز، تُحيط بهم آلاف مؤلفة من الجمهور المتحمس التوّاق إلى بدء منافسات الحدث السنوي المنتظر. ففي كل عام، ومع انطلاق مواسم احتفالات المولد التقليدية في قرى مصر ونجوعها، تبدأ استعدادات القبائل والعائلات الكبرى في مناطق الصعيد لحدث توارثوه -بُعيد الفتح الإسلامي لمصر من قبائل الجزيرة العربية الذين كانت تشكل الخيول لديهم أحد أهم ركائز الحياة الاجتماعية والثقافية والاقتصادية- منذ زمن بعيد: "المَرْمَاح".
وكلمة "المَرْمَاح" حسب عماد عبد الهادي -وهو صحافي وباحث مصري متخصص في الفنون الشعبية- مشتقة من فعل "رَمَحْ" ويعني العَدْوَ والجري، وهو فعلٌ ملازمٌ للخيل يرمز إلى سرعة عَدوِها أثناء السباقات. يقول عبد الهادي: "غالباً ما يردد أبناء الصعيد عبارة 'دع الخيل تَرْمَح'، من هنا اِشتُقَت تسمية هذا السباق الشعبي الذي ترافقه أهازيج المزمار البلدي ويقام إلى جانب ضريح ولي مشهور ينظمه المحتفلون بمولده. وعادة ما يبدأ سباق المرماح بعد صلاة العصر وينفضُّ مع تكبيرات صلاة المغرب".
عَبَرَ الرجل باب الغرفة الذي تعلوه لوحة كُتبت عليها عبارة "شارع الخيّال علي" تيمناً باسمه، فهزّ "تيمور" رأسه صعوداً ونزولاً احتفاءً بقدوم صاحبه. نظر إلى الركن حيث ترك لفرسه العلف الذي يحبه وهو البلح، فاطمأن إلى أنه تناول الكمية كلها. مسح عليوه بكفه جسم الفرس ثم شرع في تزيينه بأفضل الزينة وأجملها؛ عقود من الفضة الخالصة حول الرقبة، وحُلي نحاسية فوق الأنف، ومشغولات من القطن الطبيعي الملون تتدلى من كل جانب من جوانب الرأس، وأخيراً تعويذة "الخمسة وخميسة" الشهيرة بعينها الزرقاء الواقية "من شر حاسد إذا حسد".
ومع اكتمال الزينة وما يستتبعها من "أساسيات تجهيز الركوب" -التي تتضمن الرِّكاب والصَّريمة واللجام والرأس واللباد والرشّمة والوِّش- يمتطي الخيّال فرسه وينطلق مسرعاً نحو "الساحة" حيث ينتظر عشرات الفرسان المتوثّبين الذين أدوا مثله طقوس التجهيز، تُحيط بهم آلاف مؤلفة من الجمهور المتحمس التوّاق إلى بدء منافسات الحدث السنوي المنتظر. ففي كل عام، ومع انطلاق مواسم احتفالات المولد التقليدية في قرى مصر ونجوعها، تبدأ استعدادات القبائل والعائلات الكبرى في مناطق الصعيد لحدث توارثوه -بُعيد الفتح الإسلامي لمصر من قبائل الجزيرة العربية الذين كانت تشكل الخيول لديهم أحد أهم ركائز الحياة الاجتماعية والثقافية والاقتصادية- منذ زمن بعيد: "المَرْمَاح".
وكلمة "المَرْمَاح" حسب عماد عبد الهادي -وهو صحافي وباحث مصري متخصص في الفنون الشعبية- مشتقة من فعل "رَمَحْ" ويعني العَدْوَ والجري، وهو فعلٌ ملازمٌ للخيل يرمز إلى سرعة عَدوِها أثناء السباقات. يقول عبد الهادي: "غالباً ما يردد أبناء الصعيد عبارة 'دع الخيل تَرْمَح'، من هنا اِشتُقَت تسمية هذا السباق الشعبي الذي ترافقه أهازيج المزمار البلدي ويقام إلى جانب ضريح ولي مشهور ينظمه المحتفلون بمولده. وعادة ما يبدأ سباق المرماح بعد صلاة العصر وينفضُّ مع تكبيرات صلاة المغرب".