الهوية الجندرية.. من منظور جديد
أحسَّـت أنـها أقـربُ إلى الـذكورة منها إلى الأنـوثة. كانت "ئي" -كما تُحب أن تُسمَّى في هذا التحقيق- تمقت ارتداء الفساتين، وتحب كرة السلة والتزلج وألعاب الفيديو منذ سن مبكرة. عندما التقيتها في شهر مايو الماضي بمدينة نيويورك خلال عرض قدمه فريق الخطابة...
أحسَّـت أنـها أقـربُ إلى الـذكورة منها إلى الأنـوثة. كانت "ئي" -كما تُحب أن تُسمَّى في هذا التحقيق- تمقت ارتداء الفساتين، وتحب كرة السلة والتزلج وألعاب الفيديو منذ سن مبكرة. عندما التقيتها في شهر مايو الماضي بمدينة نيويورك خلال عرض قدمه فريق الخطابة (الاتصال الجماهيري) الذي تنتمي إليه في مدرستها الثانوية، كانت ترتدي بذلة ذكورية على المقاس وربطة عنق فَراشية، من تشكيلة ملابسها الرجالية المتنوعة. كان لهذه الفتاة البالغة من العمر 14 عاما، شعر أحمر قصير جدا وبشرة بيضاء وملامح ناعمة.
في وقت لاحق من تلك الليلة، عرفت أن "ئي" تسعى إلى إيجاد وصف دقيق لهويتها الجنسية -أو هويتها الجندرية أو نوعها الاجتماعي- (Gender Identity)، وأخبرتني أن وصفَ "مغايرة الهوية الجنسية" لا يفي بالغرض تماما لأنها كانت (آنذاك) ما تزال تستعمل اسمها الأصلي الأنثوي وتفضل مخاطبتها بضمير المؤنث.
غالبا ما يتحدث الأطفال مغايرو الجنس عن الطريقة التي أدركوا بها أنهم وُلِدوا في الجسم "الخطأ"، أما "ئي" فتقول: "أعتقد أني بحاجة فقط إلى إجراء تعديلات شكلية على جسمي [وليس تغييرات جوهرية من جسم أنثى إلى جسم ذكر] لأشعر بالجسم الذي أريد"؛ وكانت تقصد بذلك جسماً لا يحيض، ولا ثديين له، وبقسمات وجه أوضح ولحية بشعر يتطابق مع شعر رأسها. فهل يكفي ذلك لجعل "ئي" ذَكراً مغاير الجنس؟ أم فتاة "زنمردة (Androgynous) إلى حد الهوس" على حد تعبيرها؟ أم شخصا يرفض جملة وتفصيلا زخارف الأدوار التقليدية المنوطة بالهوية الجنسية بوصفها تقتصر على ثنائية ذكر أو أنثى؟
لعلكم في الآونة الأخيرة سمعتم أو قرأتم قصصا كثيرة تشبه حكايـة "ئي". وصُلـبُ المسألـة أن هـذه الأخيـرة تضـع هويـتها الجنسية موضع استقصاء ومساءلة، وليست فقط تقبل بممارسة هوايات أو ارتداء ملابس تميّز فتاة مسترجلة. ولكَم بات الحديث كثيرا عن قضايا التحول الجنسي بالولايات المتحدة وخارجها هذه الأيام؛ وقد أفضى هذا النقاش الدائر إلى تدقيق في إحصاء الأميـركيـيـن مغايري الجنس. ففي غضون عقد من الزمن، تضاعف عدد البالغين مغايري الجنس الذين تم إحصاؤهم رسميا في الولايات المتحدة، وازداد عدد حالات "عدم الانسجام مع النوع الجنسي" -وهذه فئة واسعة كانت منذ جيل مضى بغير اسم- كما سُجل ارتفاع في عدد الأطفال في سن الدراسة ممّن يضعون هويتهم الجنسية موضع تساؤل، فضلا عن تنامي الوعي بالأخطار التي تحدق بكل هؤلاء الأشخاص، مـن استـئـسـاد واعتداءات جنسية ومحاولات انتحار من لدنهم.
في وقت لاحق من تلك الليلة، عرفت أن "ئي" تسعى إلى إيجاد وصف دقيق لهويتها الجنسية -أو هويتها الجندرية أو نوعها الاجتماعي- (Gender Identity)، وأخبرتني أن وصفَ "مغايرة الهوية الجنسية" لا يفي بالغرض تماما لأنها كانت (آنذاك) ما تزال تستعمل اسمها الأصلي الأنثوي وتفضل مخاطبتها بضمير المؤنث.
غالبا ما يتحدث الأطفال مغايرو الجنس عن الطريقة التي أدركوا بها أنهم وُلِدوا في الجسم "الخطأ"، أما "ئي" فتقول: "أعتقد أني بحاجة فقط إلى إجراء تعديلات شكلية على جسمي [وليس تغييرات جوهرية من جسم أنثى إلى جسم ذكر] لأشعر بالجسم الذي أريد"؛ وكانت تقصد بذلك جسماً لا يحيض، ولا ثديين له، وبقسمات وجه أوضح ولحية بشعر يتطابق مع شعر رأسها. فهل يكفي ذلك لجعل "ئي" ذَكراً مغاير الجنس؟ أم فتاة "زنمردة (Androgynous) إلى حد الهوس" على حد تعبيرها؟ أم شخصا يرفض جملة وتفصيلا زخارف الأدوار التقليدية المنوطة بالهوية الجنسية بوصفها تقتصر على ثنائية ذكر أو أنثى؟
لعلكم في الآونة الأخيرة سمعتم أو قرأتم قصصا كثيرة تشبه حكايـة "ئي". وصُلـبُ المسألـة أن هـذه الأخيـرة تضـع هويـتها الجنسية موضع استقصاء ومساءلة، وليست فقط تقبل بممارسة هوايات أو ارتداء ملابس تميّز فتاة مسترجلة. ولكَم بات الحديث كثيرا عن قضايا التحول الجنسي بالولايات المتحدة وخارجها هذه الأيام؛ وقد أفضى هذا النقاش الدائر إلى تدقيق في إحصاء الأميـركيـيـن مغايري الجنس. ففي غضون عقد من الزمن، تضاعف عدد البالغين مغايري الجنس الذين تم إحصاؤهم رسميا في الولايات المتحدة، وازداد عدد حالات "عدم الانسجام مع النوع الجنسي" -وهذه فئة واسعة كانت منذ جيل مضى بغير اسم- كما سُجل ارتفاع في عدد الأطفال في سن الدراسة ممّن يضعون هويتهم الجنسية موضع تساؤل، فضلا عن تنامي الوعي بالأخطار التي تحدق بكل هؤلاء الأشخاص، مـن استـئـسـاد واعتداءات جنسية ومحاولات انتحار من لدنهم.
الهوية الجندرية.. من منظور جديد
- لين جونسون
أحسَّـت أنـها أقـربُ إلى الـذكورة منها إلى الأنـوثة. كانت "ئي" -كما تُحب أن تُسمَّى في هذا التحقيق- تمقت ارتداء الفساتين، وتحب كرة السلة والتزلج وألعاب الفيديو منذ سن مبكرة. عندما التقيتها في شهر مايو الماضي بمدينة نيويورك خلال عرض قدمه فريق الخطابة...
أحسَّـت أنـها أقـربُ إلى الـذكورة منها إلى الأنـوثة. كانت "ئي" -كما تُحب أن تُسمَّى في هذا التحقيق- تمقت ارتداء الفساتين، وتحب كرة السلة والتزلج وألعاب الفيديو منذ سن مبكرة. عندما التقيتها في شهر مايو الماضي بمدينة نيويورك خلال عرض قدمه فريق الخطابة (الاتصال الجماهيري) الذي تنتمي إليه في مدرستها الثانوية، كانت ترتدي بذلة ذكورية على المقاس وربطة عنق فَراشية، من تشكيلة ملابسها الرجالية المتنوعة. كان لهذه الفتاة البالغة من العمر 14 عاما، شعر أحمر قصير جدا وبشرة بيضاء وملامح ناعمة.
في وقت لاحق من تلك الليلة، عرفت أن "ئي" تسعى إلى إيجاد وصف دقيق لهويتها الجنسية -أو هويتها الجندرية أو نوعها الاجتماعي- (Gender Identity)، وأخبرتني أن وصفَ "مغايرة الهوية الجنسية" لا يفي بالغرض تماما لأنها كانت (آنذاك) ما تزال تستعمل اسمها الأصلي الأنثوي وتفضل مخاطبتها بضمير المؤنث.
غالبا ما يتحدث الأطفال مغايرو الجنس عن الطريقة التي أدركوا بها أنهم وُلِدوا في الجسم "الخطأ"، أما "ئي" فتقول: "أعتقد أني بحاجة فقط إلى إجراء تعديلات شكلية على جسمي [وليس تغييرات جوهرية من جسم أنثى إلى جسم ذكر] لأشعر بالجسم الذي أريد"؛ وكانت تقصد بذلك جسماً لا يحيض، ولا ثديين له، وبقسمات وجه أوضح ولحية بشعر يتطابق مع شعر رأسها. فهل يكفي ذلك لجعل "ئي" ذَكراً مغاير الجنس؟ أم فتاة "زنمردة (Androgynous) إلى حد الهوس" على حد تعبيرها؟ أم شخصا يرفض جملة وتفصيلا زخارف الأدوار التقليدية المنوطة بالهوية الجنسية بوصفها تقتصر على ثنائية ذكر أو أنثى؟
لعلكم في الآونة الأخيرة سمعتم أو قرأتم قصصا كثيرة تشبه حكايـة "ئي". وصُلـبُ المسألـة أن هـذه الأخيـرة تضـع هويـتها الجنسية موضع استقصاء ومساءلة، وليست فقط تقبل بممارسة هوايات أو ارتداء ملابس تميّز فتاة مسترجلة. ولكَم بات الحديث كثيرا عن قضايا التحول الجنسي بالولايات المتحدة وخارجها هذه الأيام؛ وقد أفضى هذا النقاش الدائر إلى تدقيق في إحصاء الأميـركيـيـن مغايري الجنس. ففي غضون عقد من الزمن، تضاعف عدد البالغين مغايري الجنس الذين تم إحصاؤهم رسميا في الولايات المتحدة، وازداد عدد حالات "عدم الانسجام مع النوع الجنسي" -وهذه فئة واسعة كانت منذ جيل مضى بغير اسم- كما سُجل ارتفاع في عدد الأطفال في سن الدراسة ممّن يضعون هويتهم الجنسية موضع تساؤل، فضلا عن تنامي الوعي بالأخطار التي تحدق بكل هؤلاء الأشخاص، مـن استـئـسـاد واعتداءات جنسية ومحاولات انتحار من لدنهم.
في وقت لاحق من تلك الليلة، عرفت أن "ئي" تسعى إلى إيجاد وصف دقيق لهويتها الجنسية -أو هويتها الجندرية أو نوعها الاجتماعي- (Gender Identity)، وأخبرتني أن وصفَ "مغايرة الهوية الجنسية" لا يفي بالغرض تماما لأنها كانت (آنذاك) ما تزال تستعمل اسمها الأصلي الأنثوي وتفضل مخاطبتها بضمير المؤنث.
غالبا ما يتحدث الأطفال مغايرو الجنس عن الطريقة التي أدركوا بها أنهم وُلِدوا في الجسم "الخطأ"، أما "ئي" فتقول: "أعتقد أني بحاجة فقط إلى إجراء تعديلات شكلية على جسمي [وليس تغييرات جوهرية من جسم أنثى إلى جسم ذكر] لأشعر بالجسم الذي أريد"؛ وكانت تقصد بذلك جسماً لا يحيض، ولا ثديين له، وبقسمات وجه أوضح ولحية بشعر يتطابق مع شعر رأسها. فهل يكفي ذلك لجعل "ئي" ذَكراً مغاير الجنس؟ أم فتاة "زنمردة (Androgynous) إلى حد الهوس" على حد تعبيرها؟ أم شخصا يرفض جملة وتفصيلا زخارف الأدوار التقليدية المنوطة بالهوية الجنسية بوصفها تقتصر على ثنائية ذكر أو أنثى؟
لعلكم في الآونة الأخيرة سمعتم أو قرأتم قصصا كثيرة تشبه حكايـة "ئي". وصُلـبُ المسألـة أن هـذه الأخيـرة تضـع هويـتها الجنسية موضع استقصاء ومساءلة، وليست فقط تقبل بممارسة هوايات أو ارتداء ملابس تميّز فتاة مسترجلة. ولكَم بات الحديث كثيرا عن قضايا التحول الجنسي بالولايات المتحدة وخارجها هذه الأيام؛ وقد أفضى هذا النقاش الدائر إلى تدقيق في إحصاء الأميـركيـيـن مغايري الجنس. ففي غضون عقد من الزمن، تضاعف عدد البالغين مغايري الجنس الذين تم إحصاؤهم رسميا في الولايات المتحدة، وازداد عدد حالات "عدم الانسجام مع النوع الجنسي" -وهذه فئة واسعة كانت منذ جيل مضى بغير اسم- كما سُجل ارتفاع في عدد الأطفال في سن الدراسة ممّن يضعون هويتهم الجنسية موضع تساؤل، فضلا عن تنامي الوعي بالأخطار التي تحدق بكل هؤلاء الأشخاص، مـن استـئـسـاد واعتداءات جنسية ومحاولات انتحار من لدنهم.