صرخة أرملة..

تستقطب تجمّعات الأرامل بالمدن المعروفة بمعابدها الهندوسية، نساءً من نيبال وبنغلادش أيضاً؛ ومنهم الأرملة البنغالية "باكتي داشي" (75 عاما) التي ظلت تعيش منذ ربع قرن في الجزء الخلفي لمعبد في مركز "نافادويب" الروحي بولاية البنغال الغربية.
في بعض الثقافات عبر العالم، ظلت الأرامل تعاني النفي والهجران والاستضعاف. لكن هؤلاء النسوة المفجوعات قد بدأن رحلة الدفاع عن النفس.

العودة الى الحياة
فريندافان، الهند
قبل وقت طويل على شروق الشمس، طفقت أرامل "فريندافان" تسارع الخطى تحت جنح الظلام على طول أزقة غير معبدة وهن يتفادين بِرك الوحل وروث البقر الرطب. فهنالك على الرصيف يَنصب المحسنون في فجر كل يوم موقداً كبيراً وُضع عليه وعاء شاي ضخم. وينبغي لتلك الأرامل أن يصلن إلى هناك في وقت مبكر جدا، حتى يتّخذن مكاناً لهن على رقع الحصير البالية وهن يرفعن حواشي أثواب "الساري" عن التراب، ثم يضعن مرافقهن على رُكَبهن وهنَّ جُلوس.. في انتظار الشاي. أما إذا أَتين بعد فوات الأوان، فإنهن لا يظفرن أبدا بنصيبهن من الشاي؛ أو ربما يُفوّتن فرصة الحصول على وجبات الأرز التي تُوزع في الرصيف التالي على بعد أزقة كثيرة. أثناء السير نطقت إحداهن فقالت بنبرة ملؤها الشكوى: "لا يمكنني حث الخطى في الصباح، فأنا لست على ما يرام. لكننا مجبرات على ذلك؛ فنحن لا ندري ما سنفوّت على أنفسنا".
كانت عقارب الساعة تشير إلى الخامسة والنصف فجراً والطقس بارد منعش. قليل من الأرامل فحسب تسربل بألبسة ساري ملونة، فمعظمهن كن يرتدين الساري الأبيض، وهو في الهند أبرز دالٍّ على أن امرأةً ما قد تُوفي عنها زوجها، ربما قبل زمن قريب؛ وربما قبل زمن بعيد قد يصل إلى عشرة أعوام خلت. واصلن سيرهن الحثيث زرافاتٍ زرافات في نور الفجر الخافت كمثل أسراب السمك وهنّ يتدفقن بانسياب عبر أركان الشارع.. هؤلاء من هنا، وأولئك من هناك.
لم يسبق لأي جهة أن أجرت إحصاءً يُعتَدّ به لعدد الأرامل في مدينة فريندافان. وثمة تقارير تُقدِّر عددهن بألفين أو ثلاثة آلاف أرملة، فيما تحصر تقارير أخرى عددهن في ألف أرملة أو أكثر. وتعد هذه المدينة والبلدات المجاورة لها مركزاً روحياً مكتظا بمعابد الإله الهندوسي "كريشنا" وكذلك بالأشرامات (مُفردها "أشرام" وهو ملاذ روحي منعزل) حيث تردد تلك الأرامل المُعدَمات أناشيد دينية تُدعى "بهاجان" (Bhajans) طوال اليوم، وهن متزاحمات جنبا إلى جنب على الأرض. ويستمر الطابع المقدس للأشرام من خلال الهتاف المستمر بأناشيد الأرامل، على أنها في الأصل مهمة الحجاج والكهنة؛ لكن الأرامل يكسبن وجبات ساخنة وربما أيضا حصائر للنوم ليلاً، لقاءَ ترديد هذه الهتافات مراراً وتكراراً طوال ثلاث ساعات أو أربع بلا انقطاع. كما أنهن يعشن في ملاجئ، وفي غرف يؤجرنها بصفة مشتركة، وفي خيام شبه عارية على جانب الطريق عندما لا يجدن مساكن تؤويهن. تقع فريندافان إلى الجنوب من دلهي وتبعد عنها بنحو 150 كيلومتراً، ولكن الأرامل يأتين إلى هنا من جميع أنحاء الهند، وبخاصة ولاية "البنغال الغربية" حيث الولاء كبير جدا للإله كريشنا. في بعض الأحيان، تصل الأرامل إلى فريندافان وهن برفقة مرشدات روحيات يثقن بهن؛ أو يستقدمهن أحدٌ من أقاربهن إلى الأشرام أو إلى ركن بالشارع.. فيتركهن ويقود سيارته بعيدا.

صرخة أرملة..

تستقطب تجمّعات الأرامل بالمدن المعروفة بمعابدها الهندوسية، نساءً من نيبال وبنغلادش أيضاً؛ ومنهم الأرملة البنغالية "باكتي داشي" (75 عاما) التي ظلت تعيش منذ ربع قرن في الجزء الخلفي لمعبد في مركز "نافادويب" الروحي بولاية البنغال الغربية.
في بعض الثقافات عبر العالم، ظلت الأرامل تعاني النفي والهجران والاستضعاف. لكن هؤلاء النسوة المفجوعات قد بدأن رحلة الدفاع عن النفس.

العودة الى الحياة
فريندافان، الهند
قبل وقت طويل على شروق الشمس، طفقت أرامل "فريندافان" تسارع الخطى تحت جنح الظلام على طول أزقة غير معبدة وهن يتفادين بِرك الوحل وروث البقر الرطب. فهنالك على الرصيف يَنصب المحسنون في فجر كل يوم موقداً كبيراً وُضع عليه وعاء شاي ضخم. وينبغي لتلك الأرامل أن يصلن إلى هناك في وقت مبكر جدا، حتى يتّخذن مكاناً لهن على رقع الحصير البالية وهن يرفعن حواشي أثواب "الساري" عن التراب، ثم يضعن مرافقهن على رُكَبهن وهنَّ جُلوس.. في انتظار الشاي. أما إذا أَتين بعد فوات الأوان، فإنهن لا يظفرن أبدا بنصيبهن من الشاي؛ أو ربما يُفوّتن فرصة الحصول على وجبات الأرز التي تُوزع في الرصيف التالي على بعد أزقة كثيرة. أثناء السير نطقت إحداهن فقالت بنبرة ملؤها الشكوى: "لا يمكنني حث الخطى في الصباح، فأنا لست على ما يرام. لكننا مجبرات على ذلك؛ فنحن لا ندري ما سنفوّت على أنفسنا".
كانت عقارب الساعة تشير إلى الخامسة والنصف فجراً والطقس بارد منعش. قليل من الأرامل فحسب تسربل بألبسة ساري ملونة، فمعظمهن كن يرتدين الساري الأبيض، وهو في الهند أبرز دالٍّ على أن امرأةً ما قد تُوفي عنها زوجها، ربما قبل زمن قريب؛ وربما قبل زمن بعيد قد يصل إلى عشرة أعوام خلت. واصلن سيرهن الحثيث زرافاتٍ زرافات في نور الفجر الخافت كمثل أسراب السمك وهنّ يتدفقن بانسياب عبر أركان الشارع.. هؤلاء من هنا، وأولئك من هناك.
لم يسبق لأي جهة أن أجرت إحصاءً يُعتَدّ به لعدد الأرامل في مدينة فريندافان. وثمة تقارير تُقدِّر عددهن بألفين أو ثلاثة آلاف أرملة، فيما تحصر تقارير أخرى عددهن في ألف أرملة أو أكثر. وتعد هذه المدينة والبلدات المجاورة لها مركزاً روحياً مكتظا بمعابد الإله الهندوسي "كريشنا" وكذلك بالأشرامات (مُفردها "أشرام" وهو ملاذ روحي منعزل) حيث تردد تلك الأرامل المُعدَمات أناشيد دينية تُدعى "بهاجان" (Bhajans) طوال اليوم، وهن متزاحمات جنبا إلى جنب على الأرض. ويستمر الطابع المقدس للأشرام من خلال الهتاف المستمر بأناشيد الأرامل، على أنها في الأصل مهمة الحجاج والكهنة؛ لكن الأرامل يكسبن وجبات ساخنة وربما أيضا حصائر للنوم ليلاً، لقاءَ ترديد هذه الهتافات مراراً وتكراراً طوال ثلاث ساعات أو أربع بلا انقطاع. كما أنهن يعشن في ملاجئ، وفي غرف يؤجرنها بصفة مشتركة، وفي خيام شبه عارية على جانب الطريق عندما لا يجدن مساكن تؤويهن. تقع فريندافان إلى الجنوب من دلهي وتبعد عنها بنحو 150 كيلومتراً، ولكن الأرامل يأتين إلى هنا من جميع أنحاء الهند، وبخاصة ولاية "البنغال الغربية" حيث الولاء كبير جدا للإله كريشنا. في بعض الأحيان، تصل الأرامل إلى فريندافان وهن برفقة مرشدات روحيات يثقن بهن؛ أو يستقدمهن أحدٌ من أقاربهن إلى الأشرام أو إلى ركن بالشارع.. فيتركهن ويقود سيارته بعيدا.