الشجر.. ذاكرتنا الخشبية

بعد أن حوّل الحريق الجائح لهجوم 11 سبتمبر 2001، بُرجَي مركز التجارة العالمي (110 طوابق) في جزيرة مانهاتن إلى أكوام من الخردة؛ وبعد يوم مليء بالدخان الأسود والرماد المتطاير؛ وبعد فاجعة مقتل 2753 شخصا.. كان آخر ما سُحبَ من الأنقاض حياً، شجرةُ كمثرى...
وراء كل شجرة حكاية، وبعضها يحكي من القصص ما يثير أبلغ العجب وأعمق الأسى. فهي تخزنُ الذكريات وتُجسّد المعتقدات وتشهَد على الأحداث. فنحن عادةً ما نحتفظ في مخيلاتنا بصور عن الأشجار.. صور تنمو فيها الشجرة على نحو غريب عجيب في غابات تسكنها أوهامنا...
وراء كل شجرة حكاية، وبعضها يحكي من القصص ما يثير أبلغ العجب وأعمق الأسى. فهي تخزنُ الذكريات وتُجسّد المعتقدات وتشهَد على الأحداث. فنحن عادةً ما نحتفظ في مخيلاتنا بصور عن الأشجار.. صور تنمو فيها الشجرة على نحو غريب عجيب في غابات تسكنها أوهامنا وتخيّلاتنا، ومخاوفُنا أيضاً. وفي عالم الأسطورة والخرافة، لا تزال الغابة مرتعا للأرواح والأشباح والساحرات، وكذلك الذئاب الضخمة الشريرة -كالذي اعترض سبيل الطفلة ليلى في سالف العصر والأوان- حسبما تحكيه قصص الأطفال الخرافية، والتي لا تنتهي دوماً نهايةً سعيدة.

إننا ننهَلُ الاستعارات الغنية بالمعاني والدلالات من عالم الأشجار. فنقول -مثالاً لا حصراً- إن أول الشجرة بذرة؛ والشجرة التي تحجب الغابة؛ والأفكار تزهر وتثمر؛ والأشجار تموت واقفة.. وغيرها كثير من الأمثلة والحِكَم.
تُلهمنا الأشجار ليس من خلال اللغة فحسب، بل من خلال الأفكار أيضا. ولعل أهم مثال على ذلك قد تَجسَّد -عام -1666 في شجرة تفاح محاطة بسياج قصير بأحد البساتين في لينكولنشاير بإنجلترا. هناك، يُقال إن ثمرة تفاحة قد سقطت من الشجرة فدفعت بشاب يدعى "إسحاق نيوتن" إلى التساؤل: لماذا تنزل تلك التفاحة دائما إلى الأسفل باتجاه الأرض؟
تُخبرنا مخطوطة بريطانية تعود إلى القرن الثامن عشر أن نيوتن كان عائداً إلى بيته من جامعة كامبريدج، عندما دخل إلى ذلك البستان.. لينغمس في لحظة مطولة من التفكير الحالم. وفي ذلك كتبَ "وليام ستاكلي"، صديق نيوتن وكاتب سيرة حياته: "[ساعتَها] راودَتْه فكرة الجاذبية.. بسبب سقوط تلك التفاحة وهو سارح غارق في تأملاته".
ليست تِلكم أول مرة تَشهد اكتشافاً يكون للشجرة حضور فيه. ألم يَرتقِ بوذا إلى مرتبة الحكمة والبصيرة وهو جالس يتأمل تحت شجرة بوذا! فالشجر يحلق بالإنسان في عوالم حالمة. وثمة حكاية يَرد ذكرها في كثير من ثقافات الشعوب، وتروي قصة راهب كان في الغابة يستمتع بتغريد طائر، وإذْ به يكتشف في رمشة عين أن مئات السنين قد انقضت وولّت إلى غير رجعة. وفي رواية "البحث عن الزمن المفقود" للكاتب الفرنسي "مارسيل بروست"، ينغمس الراوي في ذكريات ماضيه بعد أن يغمس كعكة صغيرة في كأس شاي أزهار الزيزفون.
وتُعد الأشجار ذاكرة الطبيعة، حتى على مستوى الجُزيئات. ذلك أن "كل حلقة نمو تُضيفها الشجرة [حول جذعها] في كل عام، تحوي بعض الهواء من ذلك العام بعينه. ثم يتحول الهواء إلى كربون، وهكذا تختزن الشجرة سنوات وسنوات من حياة المدينة"، على حد تعبير "بنيامين سويت" مؤلف كتاب "نيويورك: مدينة الأشجار".

الشجر.. ذاكرتنا الخشبية

بعد أن حوّل الحريق الجائح لهجوم 11 سبتمبر 2001، بُرجَي مركز التجارة العالمي (110 طوابق) في جزيرة مانهاتن إلى أكوام من الخردة؛ وبعد يوم مليء بالدخان الأسود والرماد المتطاير؛ وبعد فاجعة مقتل 2753 شخصا.. كان آخر ما سُحبَ من الأنقاض حياً، شجرةُ كمثرى...
وراء كل شجرة حكاية، وبعضها يحكي من القصص ما يثير أبلغ العجب وأعمق الأسى. فهي تخزنُ الذكريات وتُجسّد المعتقدات وتشهَد على الأحداث. فنحن عادةً ما نحتفظ في مخيلاتنا بصور عن الأشجار.. صور تنمو فيها الشجرة على نحو غريب عجيب في غابات تسكنها أوهامنا...
وراء كل شجرة حكاية، وبعضها يحكي من القصص ما يثير أبلغ العجب وأعمق الأسى. فهي تخزنُ الذكريات وتُجسّد المعتقدات وتشهَد على الأحداث. فنحن عادةً ما نحتفظ في مخيلاتنا بصور عن الأشجار.. صور تنمو فيها الشجرة على نحو غريب عجيب في غابات تسكنها أوهامنا وتخيّلاتنا، ومخاوفُنا أيضاً. وفي عالم الأسطورة والخرافة، لا تزال الغابة مرتعا للأرواح والأشباح والساحرات، وكذلك الذئاب الضخمة الشريرة -كالذي اعترض سبيل الطفلة ليلى في سالف العصر والأوان- حسبما تحكيه قصص الأطفال الخرافية، والتي لا تنتهي دوماً نهايةً سعيدة.

إننا ننهَلُ الاستعارات الغنية بالمعاني والدلالات من عالم الأشجار. فنقول -مثالاً لا حصراً- إن أول الشجرة بذرة؛ والشجرة التي تحجب الغابة؛ والأفكار تزهر وتثمر؛ والأشجار تموت واقفة.. وغيرها كثير من الأمثلة والحِكَم.
تُلهمنا الأشجار ليس من خلال اللغة فحسب، بل من خلال الأفكار أيضا. ولعل أهم مثال على ذلك قد تَجسَّد -عام -1666 في شجرة تفاح محاطة بسياج قصير بأحد البساتين في لينكولنشاير بإنجلترا. هناك، يُقال إن ثمرة تفاحة قد سقطت من الشجرة فدفعت بشاب يدعى "إسحاق نيوتن" إلى التساؤل: لماذا تنزل تلك التفاحة دائما إلى الأسفل باتجاه الأرض؟
تُخبرنا مخطوطة بريطانية تعود إلى القرن الثامن عشر أن نيوتن كان عائداً إلى بيته من جامعة كامبريدج، عندما دخل إلى ذلك البستان.. لينغمس في لحظة مطولة من التفكير الحالم. وفي ذلك كتبَ "وليام ستاكلي"، صديق نيوتن وكاتب سيرة حياته: "[ساعتَها] راودَتْه فكرة الجاذبية.. بسبب سقوط تلك التفاحة وهو سارح غارق في تأملاته".
ليست تِلكم أول مرة تَشهد اكتشافاً يكون للشجرة حضور فيه. ألم يَرتقِ بوذا إلى مرتبة الحكمة والبصيرة وهو جالس يتأمل تحت شجرة بوذا! فالشجر يحلق بالإنسان في عوالم حالمة. وثمة حكاية يَرد ذكرها في كثير من ثقافات الشعوب، وتروي قصة راهب كان في الغابة يستمتع بتغريد طائر، وإذْ به يكتشف في رمشة عين أن مئات السنين قد انقضت وولّت إلى غير رجعة. وفي رواية "البحث عن الزمن المفقود" للكاتب الفرنسي "مارسيل بروست"، ينغمس الراوي في ذكريات ماضيه بعد أن يغمس كعكة صغيرة في كأس شاي أزهار الزيزفون.
وتُعد الأشجار ذاكرة الطبيعة، حتى على مستوى الجُزيئات. ذلك أن "كل حلقة نمو تُضيفها الشجرة [حول جذعها] في كل عام، تحوي بعض الهواء من ذلك العام بعينه. ثم يتحول الهواء إلى كربون، وهكذا تختزن الشجرة سنوات وسنوات من حياة المدينة"، على حد تعبير "بنيامين سويت" مؤلف كتاب "نيويورك: مدينة الأشجار".