المريخ.. كما رآه ساغان
قضى "كارل ساغان" طفولته منغمساً في عوالم المريخ المتخيَّلة؛ إذ كان هذا الطفل -الذي صار فيما بعدُ عالِما- يُقبِل بنهَمٍ على قراءة كتب الخيال العلمي التي ألّفها "إدغار رايس بوروس"، ويُمضي الليالي مستلقياً في العراء، محملقاً في السماء ومتخيلاً نفسه "على...
قضى "كارل ساغان" طفولته منغمساً في عوالم المريخ المتخيَّلة؛ إذ كان هذا الطفل -الذي صار فيما بعدُ عالِما- يُقبِل بنهَمٍ على قراءة كتب الخيال العلمي التي ألّفها "إدغار رايس بوروس"، ويُمضي الليالي مستلقياً في العراء، محملقاً في السماء ومتخيلاً نفسه "على ذلك الكوكب الأحمر الوهّاج". كان ساغان يتخيل أهل المريخ بأجسام مزركشة بالألوان (المريخ في تصور بوروس يفوق الأرض بلونين رئيسين) ورؤوس قابلة للفصل، وإن كانوا أشبه بالبشر من حيث الهيأة. يقول: "لم أُدرك ساعتئذ تَعَصبّي للنوع البشري لَمّا تخيلتُ قاطني كوكب آخر على شاكلتنا".
لكن، وفي عام 1965، التقطتْ أول مركبة فضائية تُحلق قرب المريخ، صوراً لصخرة فقط.. صخرة ليس إلا. كان الأمر ضربة موجعة؛ بل إن صحيفة "نيويورك تايمز" أعلنت المريخَ كوكباً ميتا. وبعد سنوات عديدة على ذلك، كتب "جون آبدايك" في مجلة ناشيونال جيوغرافيك العالمية: "لقد طوى النسيان حديث الحياة العجيبة على المريخ". لكن عزيمة ساغان لم تفتر، بل علل الأمرَ بكون الصور غير واضحة ولا تشكل دليلاً قاطعاً، إذ لا تُبيّن سوى واحد بالمئة من الكوكب الأحمر.
في عام 1967، كتب ساغان تحقيقاً نُشر في مجلة ناشيونال جيوغرافيك العالمية، بَسَط فيه مسألةً شغلت بالَه وهو بعدُ طفل: هل ثمة حياة على المريخ؟ أُرفق التحقيق برسم توضيحي لكائن مفترَض من المريخ، وقد أوْلاه عناية فائقة. كان الرجل قد تبادل مع محرري المجلة خطابات أَعرب فيها عن عدم رضاه عن النسخة الأولية للرسم، مشيراً إلى أن ساكن المريخ بدا مثل "رجل يرتدي زي سلحفاة". أما هو فكان يتصور "ساكن المريخ كائناً طيّباً يتغذى على النبات" ولا عيون له؛ إذ قال: "لنتخيّله يتلمّس طريقه بأطرافه الصغيرة الحمراء نهاراً، وحين يأتي الليل يحفر حفرة يؤوي إليها".
رضي ساغان بالرسم النهائي (أعلى)، حيث ظهرت السنوات التي قضاها في الدراسة واضحة في التفاصيل. فأطـراف هـذا المخلـوق الطويلـة تتناسب مع انخفاض الجاذبية على المريخ، ودرعه الشبيهة بالزجاج تصد الأشعة فوق البنفسجية. لقد كانت الصورة بمنزلة ثناء على تصور ساغان اليافع لسكان المريخ. وقُبيل وفاة الرجل عام 1996، سجل رسالة لمن يستكشف المريخ مستقبَلا، قال فيها: "مهما كان سبب وجودكم على المريخ، فأنا سعيد أنكم هناك. ولكَمْ وددتُ أن أكون معكم".
لكن، وفي عام 1965، التقطتْ أول مركبة فضائية تُحلق قرب المريخ، صوراً لصخرة فقط.. صخرة ليس إلا. كان الأمر ضربة موجعة؛ بل إن صحيفة "نيويورك تايمز" أعلنت المريخَ كوكباً ميتا. وبعد سنوات عديدة على ذلك، كتب "جون آبدايك" في مجلة ناشيونال جيوغرافيك العالمية: "لقد طوى النسيان حديث الحياة العجيبة على المريخ". لكن عزيمة ساغان لم تفتر، بل علل الأمرَ بكون الصور غير واضحة ولا تشكل دليلاً قاطعاً، إذ لا تُبيّن سوى واحد بالمئة من الكوكب الأحمر.
في عام 1967، كتب ساغان تحقيقاً نُشر في مجلة ناشيونال جيوغرافيك العالمية، بَسَط فيه مسألةً شغلت بالَه وهو بعدُ طفل: هل ثمة حياة على المريخ؟ أُرفق التحقيق برسم توضيحي لكائن مفترَض من المريخ، وقد أوْلاه عناية فائقة. كان الرجل قد تبادل مع محرري المجلة خطابات أَعرب فيها عن عدم رضاه عن النسخة الأولية للرسم، مشيراً إلى أن ساكن المريخ بدا مثل "رجل يرتدي زي سلحفاة". أما هو فكان يتصور "ساكن المريخ كائناً طيّباً يتغذى على النبات" ولا عيون له؛ إذ قال: "لنتخيّله يتلمّس طريقه بأطرافه الصغيرة الحمراء نهاراً، وحين يأتي الليل يحفر حفرة يؤوي إليها".
رضي ساغان بالرسم النهائي (أعلى)، حيث ظهرت السنوات التي قضاها في الدراسة واضحة في التفاصيل. فأطـراف هـذا المخلـوق الطويلـة تتناسب مع انخفاض الجاذبية على المريخ، ودرعه الشبيهة بالزجاج تصد الأشعة فوق البنفسجية. لقد كانت الصورة بمنزلة ثناء على تصور ساغان اليافع لسكان المريخ. وقُبيل وفاة الرجل عام 1996، سجل رسالة لمن يستكشف المريخ مستقبَلا، قال فيها: "مهما كان سبب وجودكم على المريخ، فأنا سعيد أنكم هناك. ولكَمْ وددتُ أن أكون معكم".
المريخ.. كما رآه ساغان
- ناتاشا دالي
قضى "كارل ساغان" طفولته منغمساً في عوالم المريخ المتخيَّلة؛ إذ كان هذا الطفل -الذي صار فيما بعدُ عالِما- يُقبِل بنهَمٍ على قراءة كتب الخيال العلمي التي ألّفها "إدغار رايس بوروس"، ويُمضي الليالي مستلقياً في العراء، محملقاً في السماء ومتخيلاً نفسه "على...
قضى "كارل ساغان" طفولته منغمساً في عوالم المريخ المتخيَّلة؛ إذ كان هذا الطفل -الذي صار فيما بعدُ عالِما- يُقبِل بنهَمٍ على قراءة كتب الخيال العلمي التي ألّفها "إدغار رايس بوروس"، ويُمضي الليالي مستلقياً في العراء، محملقاً في السماء ومتخيلاً نفسه "على ذلك الكوكب الأحمر الوهّاج". كان ساغان يتخيل أهل المريخ بأجسام مزركشة بالألوان (المريخ في تصور بوروس يفوق الأرض بلونين رئيسين) ورؤوس قابلة للفصل، وإن كانوا أشبه بالبشر من حيث الهيأة. يقول: "لم أُدرك ساعتئذ تَعَصبّي للنوع البشري لَمّا تخيلتُ قاطني كوكب آخر على شاكلتنا".
لكن، وفي عام 1965، التقطتْ أول مركبة فضائية تُحلق قرب المريخ، صوراً لصخرة فقط.. صخرة ليس إلا. كان الأمر ضربة موجعة؛ بل إن صحيفة "نيويورك تايمز" أعلنت المريخَ كوكباً ميتا. وبعد سنوات عديدة على ذلك، كتب "جون آبدايك" في مجلة ناشيونال جيوغرافيك العالمية: "لقد طوى النسيان حديث الحياة العجيبة على المريخ". لكن عزيمة ساغان لم تفتر، بل علل الأمرَ بكون الصور غير واضحة ولا تشكل دليلاً قاطعاً، إذ لا تُبيّن سوى واحد بالمئة من الكوكب الأحمر.
في عام 1967، كتب ساغان تحقيقاً نُشر في مجلة ناشيونال جيوغرافيك العالمية، بَسَط فيه مسألةً شغلت بالَه وهو بعدُ طفل: هل ثمة حياة على المريخ؟ أُرفق التحقيق برسم توضيحي لكائن مفترَض من المريخ، وقد أوْلاه عناية فائقة. كان الرجل قد تبادل مع محرري المجلة خطابات أَعرب فيها عن عدم رضاه عن النسخة الأولية للرسم، مشيراً إلى أن ساكن المريخ بدا مثل "رجل يرتدي زي سلحفاة". أما هو فكان يتصور "ساكن المريخ كائناً طيّباً يتغذى على النبات" ولا عيون له؛ إذ قال: "لنتخيّله يتلمّس طريقه بأطرافه الصغيرة الحمراء نهاراً، وحين يأتي الليل يحفر حفرة يؤوي إليها".
رضي ساغان بالرسم النهائي (أعلى)، حيث ظهرت السنوات التي قضاها في الدراسة واضحة في التفاصيل. فأطـراف هـذا المخلـوق الطويلـة تتناسب مع انخفاض الجاذبية على المريخ، ودرعه الشبيهة بالزجاج تصد الأشعة فوق البنفسجية. لقد كانت الصورة بمنزلة ثناء على تصور ساغان اليافع لسكان المريخ. وقُبيل وفاة الرجل عام 1996، سجل رسالة لمن يستكشف المريخ مستقبَلا، قال فيها: "مهما كان سبب وجودكم على المريخ، فأنا سعيد أنكم هناك. ولكَمْ وددتُ أن أكون معكم".
لكن، وفي عام 1965، التقطتْ أول مركبة فضائية تُحلق قرب المريخ، صوراً لصخرة فقط.. صخرة ليس إلا. كان الأمر ضربة موجعة؛ بل إن صحيفة "نيويورك تايمز" أعلنت المريخَ كوكباً ميتا. وبعد سنوات عديدة على ذلك، كتب "جون آبدايك" في مجلة ناشيونال جيوغرافيك العالمية: "لقد طوى النسيان حديث الحياة العجيبة على المريخ". لكن عزيمة ساغان لم تفتر، بل علل الأمرَ بكون الصور غير واضحة ولا تشكل دليلاً قاطعاً، إذ لا تُبيّن سوى واحد بالمئة من الكوكب الأحمر.
في عام 1967، كتب ساغان تحقيقاً نُشر في مجلة ناشيونال جيوغرافيك العالمية، بَسَط فيه مسألةً شغلت بالَه وهو بعدُ طفل: هل ثمة حياة على المريخ؟ أُرفق التحقيق برسم توضيحي لكائن مفترَض من المريخ، وقد أوْلاه عناية فائقة. كان الرجل قد تبادل مع محرري المجلة خطابات أَعرب فيها عن عدم رضاه عن النسخة الأولية للرسم، مشيراً إلى أن ساكن المريخ بدا مثل "رجل يرتدي زي سلحفاة". أما هو فكان يتصور "ساكن المريخ كائناً طيّباً يتغذى على النبات" ولا عيون له؛ إذ قال: "لنتخيّله يتلمّس طريقه بأطرافه الصغيرة الحمراء نهاراً، وحين يأتي الليل يحفر حفرة يؤوي إليها".
رضي ساغان بالرسم النهائي (أعلى)، حيث ظهرت السنوات التي قضاها في الدراسة واضحة في التفاصيل. فأطـراف هـذا المخلـوق الطويلـة تتناسب مع انخفاض الجاذبية على المريخ، ودرعه الشبيهة بالزجاج تصد الأشعة فوق البنفسجية. لقد كانت الصورة بمنزلة ثناء على تصور ساغان اليافع لسكان المريخ. وقُبيل وفاة الرجل عام 1996، سجل رسالة لمن يستكشف المريخ مستقبَلا، قال فيها: "مهما كان سبب وجودكم على المريخ، فأنا سعيد أنكم هناك. ولكَمْ وددتُ أن أكون معكم".