المدفونة.. بيتزا أمازيغية

تشكل منطقة الصحراء في المغرب موطناً لأساليب طهي عتيقة من شأنها تمكين الأمازيغ من البقاء على قيد الحياة في بيئات غير مواتية وذات طبيعة قاسية.
بي بي سي عربييحلو لسكان منطقة الصحراء في المغرب القول مازحين إن فطائر "المدفونة" التي تُخبز تقليدياً في رمال هذه المنطقة هي النسخة التي ابتكرها الأمازيغ من "البيتزا". تشكل منطقة الصحراء في المغرب موطناً لأساليب طهي عتيقة من شأنها تمكين الأمازيغ -الذين...
بي بي سي عربي
يحلو لسكان منطقة الصحراء في المغرب القول مازحين إن فطائر "المدفونة" التي تُخبز تقليدياً في رمال هذه المنطقة هي النسخة التي ابتكرها الأمازيغ من "البيتزا". تشكل منطقة الصحراء في المغرب موطناً لأساليب طهي عتيقة من شأنها تمكين الأمازيغ -الذين يشكلون تقليدياً جماعة عرقية من البدو الرحل- من البقاء على قيد الحياة في بيئات غير مواتية وذات طبيعة قاسية، وذلك عبر توفير الوسائل الملائمة لهم لتحقيق هذا الهدف. فطبيعة الطعام الذي يُطهى في هذه المناطق لا تلائم تعقيد العصر الحديث بما فيه من آلاتٍ وماكينات، ولكنها تناسب ما يتحلى به السكان في هذه المنطقة الصحراوية من مهارة وتصميم.
ومن بين الأطعمة الشهيرة في هذه المنطقة فطائر تحمل اسم "المدفونة"، وهي عبارة عن قطعة خبز منبسطة محشوة، تُعد باستخدام عددٍ محدود من المكونات الأساسية، وتُخْبَزَ بطريقة تقليدية في حفرة في الرمال بداخلها نار أو في موقد من الطين. ولسنوات طويلة، شكلت هذه الفطائر وجبة صحية ومفيدة للكثير من الأسر البدوية، التي عاشت على أطراف منطقة كثبان "عرق الشبي" القريبة من الحدود مع الجزائر. وبمجرد إتمام خَبْزْ هذه الفطائر، تصبح شبيهة إلى حدٍ بعيد بفطائر "البيتزا"، إلى حد أنها تُلقب محلياً باسم "البيتزا الأمازيغية". ولإعداد هذه الفطيرة التقليدية، تُستخدم وصفة صحراوية عتيقة لإعداد الخبز، تتألف من الدقيق، والخميرة، والملح، وزيت الزيتون، والماء. ويُعجن هذا الخليط ليصبح ذا قوام ثخين ولدن وقابل للتمدد، ثم يُضغط ليُبسط على شكل دائري، قبل أن يتم بسطه ثانية فوق الحشو الذي يشمل اللحم البقري، والبيض، وأنواعاً من المكسرات، والبصل، والثوم، والأعشاب، والتوابل مثل الكمون والفلفل الأحمر "غير الحريف"، والكركم، والزنجبيل، وكذلك البقدونس. وبعد ذلك يُضغط على العجين من مختلف أطرافه ليُغلق على ما به من حشو.
وفي ظل محدودية الموارد التي يمكن أن تتوافر في البيئة القاحلة بمنطقة الصحراء، يتوجب على السكان هناك اختيار أطعمة سهلة التحضير. كما أن بوسع هؤلاء -إذا لم تتوافر لديهم مواقد- اللجوء إلى طرق أكثر بساطة لطهي تلك الفطائر المحشوة، عبر الاستفادة من العناصر الموجودة في البيئة المحيطة. وفي هذه الحالة، يحفرون حفرةً في الرمال، ويبطنونها من القاع بأحجار يشعلون ناراً محدودة تحتها لتسخينها. وتُوضع عجينة "المدفونة" فوق هذه الأحجار الساخنة مباشرة، وتُغطى بغطاءٍ معدني أو بالرمال نفسها. وتتكون قشرة خارجية متفحمةٌ سوداء اللون للفطيرة، وذلك في الأماكن التي يتلامس فيها العجين بشكل مباشر مع ألسنة اللهب والأحجار الساخنة. ومن اللازم إزالة هذه الطبقة المتفحمة باستخدام قطعة قماش، وكشطها من فوق الفطيرة بسكين قبل أن يتسنى أكلها. وفي نهاية المطاف، يتم تقسيم الفطيرة لعدة أجزاء كي يصبح من الممكن توزيعها على أكبر عدد ممكن من الأشخاص.
وفي الوقت الحاضر، صاربوسع عشاق "المدفونة" العثور عليها غالباً في مطاعم أمازيغية متواضعة الحال، تتخصص في تقديم الوجبات السريعة والجاهزة مثل فطائر "البيتزا"، وتقبع في بلدة "الريصاني" الصحراوية التي تشتهر بهذا اللون التقليدي من الطعام. وفي الفترة الحالية، تشكل هذه البلدة الصغيرة بوابة لمنطقة الكثبان الرملية. وتقع "الريصاني" قرب الأنقاض المتداعية لمدينة "سجلماسة"، وهي مدينة صحراوية يعود تاريخها إلى العصور الوسطى، وكانت تشكل مركزاً تجارياً على الطرق التي تمر بها القوافل، وعلى متنها السلع المُتجهة إلى ما يُعرف بإفريقيا جنوب الصحراء الكبرى.

المدفونة.. بيتزا أمازيغية

تشكل منطقة الصحراء في المغرب موطناً لأساليب طهي عتيقة من شأنها تمكين الأمازيغ من البقاء على قيد الحياة في بيئات غير مواتية وذات طبيعة قاسية.
بي بي سي عربييحلو لسكان منطقة الصحراء في المغرب القول مازحين إن فطائر "المدفونة" التي تُخبز تقليدياً في رمال هذه المنطقة هي النسخة التي ابتكرها الأمازيغ من "البيتزا". تشكل منطقة الصحراء في المغرب موطناً لأساليب طهي عتيقة من شأنها تمكين الأمازيغ -الذين...
بي بي سي عربي
يحلو لسكان منطقة الصحراء في المغرب القول مازحين إن فطائر "المدفونة" التي تُخبز تقليدياً في رمال هذه المنطقة هي النسخة التي ابتكرها الأمازيغ من "البيتزا". تشكل منطقة الصحراء في المغرب موطناً لأساليب طهي عتيقة من شأنها تمكين الأمازيغ -الذين يشكلون تقليدياً جماعة عرقية من البدو الرحل- من البقاء على قيد الحياة في بيئات غير مواتية وذات طبيعة قاسية، وذلك عبر توفير الوسائل الملائمة لهم لتحقيق هذا الهدف. فطبيعة الطعام الذي يُطهى في هذه المناطق لا تلائم تعقيد العصر الحديث بما فيه من آلاتٍ وماكينات، ولكنها تناسب ما يتحلى به السكان في هذه المنطقة الصحراوية من مهارة وتصميم.
ومن بين الأطعمة الشهيرة في هذه المنطقة فطائر تحمل اسم "المدفونة"، وهي عبارة عن قطعة خبز منبسطة محشوة، تُعد باستخدام عددٍ محدود من المكونات الأساسية، وتُخْبَزَ بطريقة تقليدية في حفرة في الرمال بداخلها نار أو في موقد من الطين. ولسنوات طويلة، شكلت هذه الفطائر وجبة صحية ومفيدة للكثير من الأسر البدوية، التي عاشت على أطراف منطقة كثبان "عرق الشبي" القريبة من الحدود مع الجزائر. وبمجرد إتمام خَبْزْ هذه الفطائر، تصبح شبيهة إلى حدٍ بعيد بفطائر "البيتزا"، إلى حد أنها تُلقب محلياً باسم "البيتزا الأمازيغية". ولإعداد هذه الفطيرة التقليدية، تُستخدم وصفة صحراوية عتيقة لإعداد الخبز، تتألف من الدقيق، والخميرة، والملح، وزيت الزيتون، والماء. ويُعجن هذا الخليط ليصبح ذا قوام ثخين ولدن وقابل للتمدد، ثم يُضغط ليُبسط على شكل دائري، قبل أن يتم بسطه ثانية فوق الحشو الذي يشمل اللحم البقري، والبيض، وأنواعاً من المكسرات، والبصل، والثوم، والأعشاب، والتوابل مثل الكمون والفلفل الأحمر "غير الحريف"، والكركم، والزنجبيل، وكذلك البقدونس. وبعد ذلك يُضغط على العجين من مختلف أطرافه ليُغلق على ما به من حشو.
وفي ظل محدودية الموارد التي يمكن أن تتوافر في البيئة القاحلة بمنطقة الصحراء، يتوجب على السكان هناك اختيار أطعمة سهلة التحضير. كما أن بوسع هؤلاء -إذا لم تتوافر لديهم مواقد- اللجوء إلى طرق أكثر بساطة لطهي تلك الفطائر المحشوة، عبر الاستفادة من العناصر الموجودة في البيئة المحيطة. وفي هذه الحالة، يحفرون حفرةً في الرمال، ويبطنونها من القاع بأحجار يشعلون ناراً محدودة تحتها لتسخينها. وتُوضع عجينة "المدفونة" فوق هذه الأحجار الساخنة مباشرة، وتُغطى بغطاءٍ معدني أو بالرمال نفسها. وتتكون قشرة خارجية متفحمةٌ سوداء اللون للفطيرة، وذلك في الأماكن التي يتلامس فيها العجين بشكل مباشر مع ألسنة اللهب والأحجار الساخنة. ومن اللازم إزالة هذه الطبقة المتفحمة باستخدام قطعة قماش، وكشطها من فوق الفطيرة بسكين قبل أن يتسنى أكلها. وفي نهاية المطاف، يتم تقسيم الفطيرة لعدة أجزاء كي يصبح من الممكن توزيعها على أكبر عدد ممكن من الأشخاص.
وفي الوقت الحاضر، صاربوسع عشاق "المدفونة" العثور عليها غالباً في مطاعم أمازيغية متواضعة الحال، تتخصص في تقديم الوجبات السريعة والجاهزة مثل فطائر "البيتزا"، وتقبع في بلدة "الريصاني" الصحراوية التي تشتهر بهذا اللون التقليدي من الطعام. وفي الفترة الحالية، تشكل هذه البلدة الصغيرة بوابة لمنطقة الكثبان الرملية. وتقع "الريصاني" قرب الأنقاض المتداعية لمدينة "سجلماسة"، وهي مدينة صحراوية يعود تاريخها إلى العصور الوسطى، وكانت تشكل مركزاً تجارياً على الطرق التي تمر بها القوافل، وعلى متنها السلع المُتجهة إلى ما يُعرف بإفريقيا جنوب الصحراء الكبرى.