حياةٌ‭ ‬في‭ ‬جلباب‭ ‬التغير‭ ‬المناخي

خارج‭ ‬حدود‭ ‬مزرعة‭ ‬عنب‭ ‬في‭ ‬‮«‬منطقة‭ ‬نابا‮»‬،‭ ‬يمكن‭ ‬رؤية‭ ‬واحد‭ ‬مما‭ ‬لا‭ ‬يقل‭ ‬عن‭ ‬عشرة‭ ‬حرائق‭ ‬اجتاحت‭ ‬شمال‭ ‬كاليفورنيا‭ ‬في‭ ‬أكتوبر‭ ‬من‭ ‬عام‭ ‬2017‭. ‬وقد‭ ‬ابتليت‭ ‬المنطقة‭ ‬بأعوام‭ ‬من‭ ‬الحر‭ ‬والقحط‭ ‬الشديدين‭.‬
قبل ثلاثين عاماً، كان الوقع المدمّر المحتمَل للانبعاثات الحابسة للحرارة الناتجة عن إحراق الوقود الأحفوري والغابات المطرية، قد تصدّر عناوين الصفحات الأولى للصحف.وقد تطلّب حدوث ذلك قرناً كاملاً من العلوم المتراكمة، وتحوّلاً كبيراً في المفاهيم. وكان...
قبل ثلاثين عاماً، كان الوقع المدمّر المحتمَل للانبعاثات الحابسة للحرارة الناتجة عن إحراق الوقود الأحفوري والغابات المطرية، قد تصدّر عناوين الصفحات الأولى للصحف.

وقد تطلّب حدوث ذلك قرناً كاملاً من العلوم المتراكمة، وتحوّلاً كبيراً في المفاهيم. وكان «سفانتي آرهينيوس» -العالم السويدي الرائد الذي قدّر في عام 1896 مدى الاحترار الناجم عن انتشار إحراق الفحم- قد استبشر، على العموم، خيراً في التغير المناخي؛ إذ رأى أنه سيكون نعمة تتجلى في ازدهار الزراعة وفي ما وصفها بأنها «أنماط مناخية أفضل وأكثر اعتدالاً، وبخاصة في مناطق الأرض الأبرد».

وعلى مرّ العقود، صدرت تقارير كثيرة عن الموضوع، شملت مقالاً جلياً بصورة لافتة للانتباه نُشر عام 1956 في صحيفة «نيويورك تايمز»؛ وردَ فيه أن انبعاث غازات الدفيئة الناجم عن توليد الطاقة سيؤدي إلى تغيّرات مناخية تدوم طويلاً. وقد تنبأ المقال في خاتمته بما أصبح العائق الأساسي لمعالجة مشكلة الانبعاثات الضارّة، ألاَ وهو وفرة الوقود الأحفوري؛ إذ نقرأ فيه: «لا يزال الفحم والنفط متوفّرين ورخيصين في الكثير من أنحاء العالم، ولدينا كل مسوّغ للاعتقاد بأن استهلاكهما سيستمر طالما كان ذلك مربحاً».

تأسست «اللجنة الدولية للتغيّرات المناخية» في أواخر عام 1988، بعد أن أدّت عوامل متنوّعة إلى جعل تأثير الدفيئة محطّ اهتمام عالمي كبير. ففي ذلك العام نفسه، شهدت الولايات المتحدة حالات قحط وحر شديدين، كما اندلعت حرائق كبيرة في غابات الأمازون المطرية.. مثالاً لا حصراً. وكانت مسوّدة حل للمشكلة قد صيغت قبل عام فقط على ذلك، عندما اجتمع رأي أمم العالم على «بروتوكول مونتريال»، والذي رسم خطى للقضاء على مركّبات كيميائية محددة تهدّد طبقة الأوزون الواقية في الغلاف الجوي.

وكانت لحظة تبلور اللجنة في يوم 23 يونيو 1988، خلال إفادة مقلقة أدلى بها «جيمس ئي. هانسن» لدى مجلس الشيوخ الأميركي. كان ذلك الرجل عالمَ مناخ قد حوّل اهتمامه من دراسة الظروف المناخية الحارقة على سطح كوكب الزهرة إلى دراسة الغلاف الجوي للأرض الذي غيّره البشر. وقد خلص في إفادته الصريحة الصارخة  إلى أن «تأثير غازات الدفيئة قد رُصِد وهو يغيّر مناخنا الآن».

كانت رحلتي الصحافية لمعرفة الجانب العلمي للتغيّر المناخي، ومدى وقْع هذا التغيّر، ومصادر الطاقة ذات الصلة، قد بدأت جدّياً في وقت لاحق من ذلك الشهر في مدينة تورونتو الكندية، لدى «المؤتمر العالمي الأول لتغيّر الغلاف الجوي».

ولم تتوقّف رحلتي قط، إذ ظلت تنتقل بي من القطب الشمالي إلى البيت الأبيض، ومن مختبرات التقنيات الشمسية وأحواض وقود المفاعلات النووية إلى الفاتيكان. وصحيحٌ أن التفاصيل تغيّرت، إلا أن المشاكل الأساسية ظلّت من نواحٍ عديدة كما وجدناها أنا وغيري من الصحافيين أول مرة عام 1988.

حياةٌ‭ ‬في‭ ‬جلباب‭ ‬التغير‭ ‬المناخي

خارج‭ ‬حدود‭ ‬مزرعة‭ ‬عنب‭ ‬في‭ ‬‮«‬منطقة‭ ‬نابا‮»‬،‭ ‬يمكن‭ ‬رؤية‭ ‬واحد‭ ‬مما‭ ‬لا‭ ‬يقل‭ ‬عن‭ ‬عشرة‭ ‬حرائق‭ ‬اجتاحت‭ ‬شمال‭ ‬كاليفورنيا‭ ‬في‭ ‬أكتوبر‭ ‬من‭ ‬عام‭ ‬2017‭. ‬وقد‭ ‬ابتليت‭ ‬المنطقة‭ ‬بأعوام‭ ‬من‭ ‬الحر‭ ‬والقحط‭ ‬الشديدين‭.‬
قبل ثلاثين عاماً، كان الوقع المدمّر المحتمَل للانبعاثات الحابسة للحرارة الناتجة عن إحراق الوقود الأحفوري والغابات المطرية، قد تصدّر عناوين الصفحات الأولى للصحف.وقد تطلّب حدوث ذلك قرناً كاملاً من العلوم المتراكمة، وتحوّلاً كبيراً في المفاهيم. وكان...
قبل ثلاثين عاماً، كان الوقع المدمّر المحتمَل للانبعاثات الحابسة للحرارة الناتجة عن إحراق الوقود الأحفوري والغابات المطرية، قد تصدّر عناوين الصفحات الأولى للصحف.

وقد تطلّب حدوث ذلك قرناً كاملاً من العلوم المتراكمة، وتحوّلاً كبيراً في المفاهيم. وكان «سفانتي آرهينيوس» -العالم السويدي الرائد الذي قدّر في عام 1896 مدى الاحترار الناجم عن انتشار إحراق الفحم- قد استبشر، على العموم، خيراً في التغير المناخي؛ إذ رأى أنه سيكون نعمة تتجلى في ازدهار الزراعة وفي ما وصفها بأنها «أنماط مناخية أفضل وأكثر اعتدالاً، وبخاصة في مناطق الأرض الأبرد».

وعلى مرّ العقود، صدرت تقارير كثيرة عن الموضوع، شملت مقالاً جلياً بصورة لافتة للانتباه نُشر عام 1956 في صحيفة «نيويورك تايمز»؛ وردَ فيه أن انبعاث غازات الدفيئة الناجم عن توليد الطاقة سيؤدي إلى تغيّرات مناخية تدوم طويلاً. وقد تنبأ المقال في خاتمته بما أصبح العائق الأساسي لمعالجة مشكلة الانبعاثات الضارّة، ألاَ وهو وفرة الوقود الأحفوري؛ إذ نقرأ فيه: «لا يزال الفحم والنفط متوفّرين ورخيصين في الكثير من أنحاء العالم، ولدينا كل مسوّغ للاعتقاد بأن استهلاكهما سيستمر طالما كان ذلك مربحاً».

تأسست «اللجنة الدولية للتغيّرات المناخية» في أواخر عام 1988، بعد أن أدّت عوامل متنوّعة إلى جعل تأثير الدفيئة محطّ اهتمام عالمي كبير. ففي ذلك العام نفسه، شهدت الولايات المتحدة حالات قحط وحر شديدين، كما اندلعت حرائق كبيرة في غابات الأمازون المطرية.. مثالاً لا حصراً. وكانت مسوّدة حل للمشكلة قد صيغت قبل عام فقط على ذلك، عندما اجتمع رأي أمم العالم على «بروتوكول مونتريال»، والذي رسم خطى للقضاء على مركّبات كيميائية محددة تهدّد طبقة الأوزون الواقية في الغلاف الجوي.

وكانت لحظة تبلور اللجنة في يوم 23 يونيو 1988، خلال إفادة مقلقة أدلى بها «جيمس ئي. هانسن» لدى مجلس الشيوخ الأميركي. كان ذلك الرجل عالمَ مناخ قد حوّل اهتمامه من دراسة الظروف المناخية الحارقة على سطح كوكب الزهرة إلى دراسة الغلاف الجوي للأرض الذي غيّره البشر. وقد خلص في إفادته الصريحة الصارخة  إلى أن «تأثير غازات الدفيئة قد رُصِد وهو يغيّر مناخنا الآن».

كانت رحلتي الصحافية لمعرفة الجانب العلمي للتغيّر المناخي، ومدى وقْع هذا التغيّر، ومصادر الطاقة ذات الصلة، قد بدأت جدّياً في وقت لاحق من ذلك الشهر في مدينة تورونتو الكندية، لدى «المؤتمر العالمي الأول لتغيّر الغلاف الجوي».

ولم تتوقّف رحلتي قط، إذ ظلت تنتقل بي من القطب الشمالي إلى البيت الأبيض، ومن مختبرات التقنيات الشمسية وأحواض وقود المفاعلات النووية إلى الفاتيكان. وصحيحٌ أن التفاصيل تغيّرت، إلا أن المشاكل الأساسية ظلّت من نواحٍ عديدة كما وجدناها أنا وغيري من الصحافيين أول مرة عام 1988.