السلفادور

سلفادوريون يعبرون حدود غواتيمالا إلى المكسيك في نوفمبر 2018. من هنا سيقطعون 3900 كيلومتر أخرى لبلوغ الولايات المتحدة. في ذلك التاريخ، أمر الرئيس "دونالد ترامب" بنقل أزيد من 5000 جندي أميركي إلى الحدود مع المكسيك لردع المهاجرين.
نزلت من الحافلات طوابيرُ مُرَحَّلين من الولايات المتحدة، منكّسة رؤوسهم وقد جُرِّدوا من الأحزمة وأربطة الأحذية كالمجرمين.كان هؤلاء قد جُمعوا من مراكز احتجاز مهاجرين في شتى ربوع الولايات المتحدة، ولما تنفس الصبح تم إركابهم طائرة لا تحمل اسم أي خطوط جوية...
نزلت من الحافلات طوابيرُ مُرَحَّلين من الولايات المتحدة، منكّسة رؤوسهم وقد جُرِّدوا من الأحزمة وأربطة الأحذية كالمجرمين.

كان هؤلاء قد جُمعوا من مراكز احتجاز مهاجرين في شتى ربوع الولايات المتحدة، ولما تنفس الصبح تم إركابهم طائرة لا تحمل اسم أي خطوط جوية قرب حدود ولاية تكساس مع المكسيك، ثم نُقِلوا مسافة 1870 كيلومترا إلى مطار خارج العاصمة السلفادورية، سان سلفادور. وما هي إلا أربع ساعات حتى تلاشى حُلم رحلة محفوفة بالمخاطر صوب الشمال، أنفق فيها كثير من المهاجرين سنوات من التحضير وأسابيع في التنفيذ.
لَقيَهم موظف هجرة سلفادوري في مركز استقبال جديد أنشئ بمساعدة الحكومة الأميركية، وقال: "مرحبا. أنتم هنا عائلتنا". حدق فيه 119 شخصاً وهم في حالة وجوم. تُليت الأسماء تباعا، فتقدم الرجال والنساء لاستلام أمتعتهم وإجراء الفحص الطبي والحصول على تذكرة حافلة للعودة إلى بيوتهم.
جلس في الركن الخلفي داخل مركز الاستقبال، شاب في ربيعه الرابع والعشرين، قوي البنية باسم الثغر، مرتديا قميصا كُتب عليه باليد "إيمان، أمل، حب". لم يشأ الإفصاح عن اسمه، شأنه شأن كثير من أهل السلفادور. لمّا كان مراهقا في ريف "أوسولوتان" -أحد أقاليم البلد الأربعة عشر- تعرض لضغوط لينضم إلى "مارا سلفاتروتشا"، أكبر عصابات السلفادور، المعروفة اختصاراً باسم "إم إس13-" (MS-13)، لكنه فضل الالتحاق بأكاديمية الشرطة، وحين علمت العصابة بالأمر هددته بالقتل.
هنالك فرَّ الشاب جنوبا إلى كولومبيا، حيث عمل سائق شاحنة ووقع في حب فتاة. حازت صديقته تلك تأشيرة الولايات المتحدة وطارت للالتحاق بأقارب لها. دفع مبلغ 8 آلاف دولار لمُهرّب وأمضى الشهر التالي قاطعا سبعة حدود عبر برزخ أميركا الوسطى، ليتمكن أخيرا من التسلل إلى تكساس ويتوجه شرقا إلى مدينة أتلانتا بولاية جورجيا. هناك منحه قريبٌ مقيم في الولايات المتحدة عملا في تثبيت رشاشات الري لقاءَ 3 آلاف دولار في الشهر، أي ما يربو على خمسة أضعاف متوسط دخل العائلة السلفادورية في الشهر. ودأب على إرسال 500 دولار كل شهر ليعيل والدته وجدته.
تجنب الشاب لفت الأنظار طيلة خمسة أعوام في ولاية جورجيا، فكان يعمل أيام الأسبوع، ويذهب إلى المنتزهات ومراكز التسوق في إجازات نهاية الأسبوع، ويرتاد الكنيسة أيام الآحاد. ظل يتفادى مخالفات المرور وخرق القانون، إلى أن حل صباح مشؤوم في سبتمبر 2017، إذ أوقفته الشرطة عند نقطة تفتيش عرَضية وألقت عليه القبض لقيادته السيارة من دون رخصة، ثم سلمته إلى سلطات الهجرة والجمارك التي احتجزته.
نعود الآن إلى مركز الاستقبال؛ إذ نُودي على الشاب فالتقط محفظته وإنجيله وربط حذاءه. أسَرَّ لي قائلا: "أنا خائف حقا". كان يشاهد في الولايات المتحدة تقارير إخبارية عن السلفادور، فتولَّد لديه الانطباع أن العصابات "استولت على البلد برمته". لكنه موقن من أمر واحد: "سأعود إلى الولايات المتحدة حالما تسنح الفرصة".

السلفادور

سلفادوريون يعبرون حدود غواتيمالا إلى المكسيك في نوفمبر 2018. من هنا سيقطعون 3900 كيلومتر أخرى لبلوغ الولايات المتحدة. في ذلك التاريخ، أمر الرئيس "دونالد ترامب" بنقل أزيد من 5000 جندي أميركي إلى الحدود مع المكسيك لردع المهاجرين.
نزلت من الحافلات طوابيرُ مُرَحَّلين من الولايات المتحدة، منكّسة رؤوسهم وقد جُرِّدوا من الأحزمة وأربطة الأحذية كالمجرمين.كان هؤلاء قد جُمعوا من مراكز احتجاز مهاجرين في شتى ربوع الولايات المتحدة، ولما تنفس الصبح تم إركابهم طائرة لا تحمل اسم أي خطوط جوية...
نزلت من الحافلات طوابيرُ مُرَحَّلين من الولايات المتحدة، منكّسة رؤوسهم وقد جُرِّدوا من الأحزمة وأربطة الأحذية كالمجرمين.

كان هؤلاء قد جُمعوا من مراكز احتجاز مهاجرين في شتى ربوع الولايات المتحدة، ولما تنفس الصبح تم إركابهم طائرة لا تحمل اسم أي خطوط جوية قرب حدود ولاية تكساس مع المكسيك، ثم نُقِلوا مسافة 1870 كيلومترا إلى مطار خارج العاصمة السلفادورية، سان سلفادور. وما هي إلا أربع ساعات حتى تلاشى حُلم رحلة محفوفة بالمخاطر صوب الشمال، أنفق فيها كثير من المهاجرين سنوات من التحضير وأسابيع في التنفيذ.
لَقيَهم موظف هجرة سلفادوري في مركز استقبال جديد أنشئ بمساعدة الحكومة الأميركية، وقال: "مرحبا. أنتم هنا عائلتنا". حدق فيه 119 شخصاً وهم في حالة وجوم. تُليت الأسماء تباعا، فتقدم الرجال والنساء لاستلام أمتعتهم وإجراء الفحص الطبي والحصول على تذكرة حافلة للعودة إلى بيوتهم.
جلس في الركن الخلفي داخل مركز الاستقبال، شاب في ربيعه الرابع والعشرين، قوي البنية باسم الثغر، مرتديا قميصا كُتب عليه باليد "إيمان، أمل، حب". لم يشأ الإفصاح عن اسمه، شأنه شأن كثير من أهل السلفادور. لمّا كان مراهقا في ريف "أوسولوتان" -أحد أقاليم البلد الأربعة عشر- تعرض لضغوط لينضم إلى "مارا سلفاتروتشا"، أكبر عصابات السلفادور، المعروفة اختصاراً باسم "إم إس13-" (MS-13)، لكنه فضل الالتحاق بأكاديمية الشرطة، وحين علمت العصابة بالأمر هددته بالقتل.
هنالك فرَّ الشاب جنوبا إلى كولومبيا، حيث عمل سائق شاحنة ووقع في حب فتاة. حازت صديقته تلك تأشيرة الولايات المتحدة وطارت للالتحاق بأقارب لها. دفع مبلغ 8 آلاف دولار لمُهرّب وأمضى الشهر التالي قاطعا سبعة حدود عبر برزخ أميركا الوسطى، ليتمكن أخيرا من التسلل إلى تكساس ويتوجه شرقا إلى مدينة أتلانتا بولاية جورجيا. هناك منحه قريبٌ مقيم في الولايات المتحدة عملا في تثبيت رشاشات الري لقاءَ 3 آلاف دولار في الشهر، أي ما يربو على خمسة أضعاف متوسط دخل العائلة السلفادورية في الشهر. ودأب على إرسال 500 دولار كل شهر ليعيل والدته وجدته.
تجنب الشاب لفت الأنظار طيلة خمسة أعوام في ولاية جورجيا، فكان يعمل أيام الأسبوع، ويذهب إلى المنتزهات ومراكز التسوق في إجازات نهاية الأسبوع، ويرتاد الكنيسة أيام الآحاد. ظل يتفادى مخالفات المرور وخرق القانون، إلى أن حل صباح مشؤوم في سبتمبر 2017، إذ أوقفته الشرطة عند نقطة تفتيش عرَضية وألقت عليه القبض لقيادته السيارة من دون رخصة، ثم سلمته إلى سلطات الهجرة والجمارك التي احتجزته.
نعود الآن إلى مركز الاستقبال؛ إذ نُودي على الشاب فالتقط محفظته وإنجيله وربط حذاءه. أسَرَّ لي قائلا: "أنا خائف حقا". كان يشاهد في الولايات المتحدة تقارير إخبارية عن السلفادور، فتولَّد لديه الانطباع أن العصابات "استولت على البلد برمته". لكنه موقن من أمر واحد: "سأعود إلى الولايات المتحدة حالما تسنح الفرصة".