بحثاً عن أهل الفضاء

نرى هنا مسابير فضائية صغيرة من تصوّر مشروع (Breakthrough Starshot) تتحرك حول كوكب "بروكسيما سنتوري ب" الذي يبعد عن الأرض أربع سنين ضوئية، مدفوعة بسرعة تبلغ خُـمُس سرعة الضوء بواسطة شعاع ليزري أقوى من مليون شمس.
تعمل "سارة سيغر" في مكتب بالطابق السابع عشر من "البناية 54" الشاهقة لدى "معهد ماساتشوسيتس للتقنية"، ولذا فإنها أقرب ما يكون إلى الفضاء في مدينة "كامبريدج" بولاية ماساتشوسيتس. يتمتع مكتبها بإطلالة على مركز مدينة بوسطن؛ أما في الداخل، فإن نظرتها تمتد إلى...
تعمل "سارة سيغر" في مكتب بالطابق السابع عشر من "البناية 54" الشاهقة لدى "معهد ماساتشوسيتس للتقنية"، ولذا فإنها أقرب ما يكون إلى الفضاء في مدينة "كامبريدج" بولاية ماساتشوسيتس. يتمتع مكتبها بإطلالة على مركز مدينة بوسطن؛ أما في الداخل، فإن نظرتها تمتد إلى مجرّة "درب التبّانة" وما بعدها.
تبلغ سيغر من العمر 47 عاماً، وهي عالمة فيزياء فلكية؛ أما تخصّصها فهو الكواكب الخارجية، أي جميع كواكب الكون ما عدا تلك التي تعرفونها سلفاً التي تدور حول شمسنا. وقد رَسمَت على سبّورة في مكتبها معادلة كانت قد ابتكرتها لتقدير فرص رصد حياة على كوكب من ذلك النوع. وتحت سبّورة أخرى تعج بالمعادلات، يرى الناظر مجموعة تذكارات تضم قارورة صغيرة تحوي بعض الشظايا السوداء اللامعة.
"إنها صخرة ذوّبناها"، تقول تعليقاً على الشظايا.
تتحدث سيغر بعبارات قصيرة رتيبة وهي تطالعك بعينين بنيّتين فاتحتين لا تستطيع أن تفلت من نظرتهما. راحت تحدثني عن وجود كواكب معروفة باسم "الأراضين الهائلة الحارّة"
(hot super-Earths)، تَـبرم وتدور في أفلاك شديدة القرب من نجومها إلى درجة أن سنةً كاملة فيها تقـلّ عن يوم لدينا. تقول: "حرارة هذه الكواكب هي من الشِـدّة بمكان أنه يُرجَّح أن تكون عليها بحيرات من الحمم البركانية". ومن هنا جاءت فكرة الصخرة المذابة؛ إذ تقول سيغر: "أردنا أن نختبر سطوع الحمم البركانية".
في أواسط تسعينيات القرن الماضي، عندما دخلت سيغر كلية الدراسات العليا، لم نكن نعلم بوجود كواكبَ تدور حول نجومها خلال ساعات أو أخرى تستغرق نحو مليون سنة لتدور حول نجومها هي؛ ولم نكن نعلم بوجود كواكب تدور حول نجمين اثنين في الوقت نفسه، أو كواكب شاردة لا تحوم حول أي نجم بل تهيم على وجهها في الفضاء. لا بل إننا لم نكن نعلم على وجه اليقين آنذاك بوجود أي كواكب أخرى خارج مجموعتنا الشمسية. وفضلاً عن ذلك، فقد تبيّن أن كثيراً من افتراضاتنا عن طبيعة الكواكب كانت خاطئة. وقد كان أول كوكب خارجي نعثر عليه على الإطلاق (وهو "51 بيغاسي ب" المكتشَف عام 1995) بحد ذاته مفاجأة لنا؛ إذ كان كوكباً عملاقاً يدور في مدار قريب جداً من نجمه، مُـتِـمّاً حوَمانه حوله مرة كل أربعة أيام فقط.
وبهذا الشأن، تقول سيغر: "كان من المفترض أن يتعلّم الجميع من '51 بيغاسي' أن رحلة اكتشاف الكواكب ستكون حافلة بالمفاجآت. إذ إن وجود كوكب بهذا الحجم الكبير قريباً على هذا النحو من نجمه، كان مخالفاً لفرضياتهم".
اليوم هناك نحو 4000 كوكب خارجي قد تيقّنا من وجودها. وكان معظمها قد اكتُشف باستخدام تلسكوب "كيبلر" الفضائي الذي كان قد أُطلق عام 2009. وكانت مَهمة "كيبلر" هي معرفة كم عدد الكواكب التي يمكنه أن يعثر عليها وهي تدور حول 150 ألف نجم في بقعة دقيقة من السماء المرئية.. بقعة تعادل نحو ما يمكن للمرء أن يغطيه من السماء بكفّه ويده ممدودة. ولكن الغاية القصوى من إطلاق هذا التلسكوب كانت الإجابة عن سؤال أهم من ذلك بكثير وأكثر إثارة وتشويقاً، ألاَ وهو: هل الأماكن التي يمكن للحياة أن تنشأ فيها شائعة في الكون أم أنها نادرة ومتناقصة، إلى درجة تجعلنا فاقدي الأمل بأن نعلم بوجود عالم حي آخر؟

بحثاً عن أهل الفضاء

نرى هنا مسابير فضائية صغيرة من تصوّر مشروع (Breakthrough Starshot) تتحرك حول كوكب "بروكسيما سنتوري ب" الذي يبعد عن الأرض أربع سنين ضوئية، مدفوعة بسرعة تبلغ خُـمُس سرعة الضوء بواسطة شعاع ليزري أقوى من مليون شمس.
تعمل "سارة سيغر" في مكتب بالطابق السابع عشر من "البناية 54" الشاهقة لدى "معهد ماساتشوسيتس للتقنية"، ولذا فإنها أقرب ما يكون إلى الفضاء في مدينة "كامبريدج" بولاية ماساتشوسيتس. يتمتع مكتبها بإطلالة على مركز مدينة بوسطن؛ أما في الداخل، فإن نظرتها تمتد إلى...
تعمل "سارة سيغر" في مكتب بالطابق السابع عشر من "البناية 54" الشاهقة لدى "معهد ماساتشوسيتس للتقنية"، ولذا فإنها أقرب ما يكون إلى الفضاء في مدينة "كامبريدج" بولاية ماساتشوسيتس. يتمتع مكتبها بإطلالة على مركز مدينة بوسطن؛ أما في الداخل، فإن نظرتها تمتد إلى مجرّة "درب التبّانة" وما بعدها.
تبلغ سيغر من العمر 47 عاماً، وهي عالمة فيزياء فلكية؛ أما تخصّصها فهو الكواكب الخارجية، أي جميع كواكب الكون ما عدا تلك التي تعرفونها سلفاً التي تدور حول شمسنا. وقد رَسمَت على سبّورة في مكتبها معادلة كانت قد ابتكرتها لتقدير فرص رصد حياة على كوكب من ذلك النوع. وتحت سبّورة أخرى تعج بالمعادلات، يرى الناظر مجموعة تذكارات تضم قارورة صغيرة تحوي بعض الشظايا السوداء اللامعة.
"إنها صخرة ذوّبناها"، تقول تعليقاً على الشظايا.
تتحدث سيغر بعبارات قصيرة رتيبة وهي تطالعك بعينين بنيّتين فاتحتين لا تستطيع أن تفلت من نظرتهما. راحت تحدثني عن وجود كواكب معروفة باسم "الأراضين الهائلة الحارّة"
(hot super-Earths)، تَـبرم وتدور في أفلاك شديدة القرب من نجومها إلى درجة أن سنةً كاملة فيها تقـلّ عن يوم لدينا. تقول: "حرارة هذه الكواكب هي من الشِـدّة بمكان أنه يُرجَّح أن تكون عليها بحيرات من الحمم البركانية". ومن هنا جاءت فكرة الصخرة المذابة؛ إذ تقول سيغر: "أردنا أن نختبر سطوع الحمم البركانية".
في أواسط تسعينيات القرن الماضي، عندما دخلت سيغر كلية الدراسات العليا، لم نكن نعلم بوجود كواكبَ تدور حول نجومها خلال ساعات أو أخرى تستغرق نحو مليون سنة لتدور حول نجومها هي؛ ولم نكن نعلم بوجود كواكب تدور حول نجمين اثنين في الوقت نفسه، أو كواكب شاردة لا تحوم حول أي نجم بل تهيم على وجهها في الفضاء. لا بل إننا لم نكن نعلم على وجه اليقين آنذاك بوجود أي كواكب أخرى خارج مجموعتنا الشمسية. وفضلاً عن ذلك، فقد تبيّن أن كثيراً من افتراضاتنا عن طبيعة الكواكب كانت خاطئة. وقد كان أول كوكب خارجي نعثر عليه على الإطلاق (وهو "51 بيغاسي ب" المكتشَف عام 1995) بحد ذاته مفاجأة لنا؛ إذ كان كوكباً عملاقاً يدور في مدار قريب جداً من نجمه، مُـتِـمّاً حوَمانه حوله مرة كل أربعة أيام فقط.
وبهذا الشأن، تقول سيغر: "كان من المفترض أن يتعلّم الجميع من '51 بيغاسي' أن رحلة اكتشاف الكواكب ستكون حافلة بالمفاجآت. إذ إن وجود كوكب بهذا الحجم الكبير قريباً على هذا النحو من نجمه، كان مخالفاً لفرضياتهم".
اليوم هناك نحو 4000 كوكب خارجي قد تيقّنا من وجودها. وكان معظمها قد اكتُشف باستخدام تلسكوب "كيبلر" الفضائي الذي كان قد أُطلق عام 2009. وكانت مَهمة "كيبلر" هي معرفة كم عدد الكواكب التي يمكنه أن يعثر عليها وهي تدور حول 150 ألف نجم في بقعة دقيقة من السماء المرئية.. بقعة تعادل نحو ما يمكن للمرء أن يغطيه من السماء بكفّه ويده ممدودة. ولكن الغاية القصوى من إطلاق هذا التلسكوب كانت الإجابة عن سؤال أهم من ذلك بكثير وأكثر إثارة وتشويقاً، ألاَ وهو: هل الأماكن التي يمكن للحياة أن تنشأ فيها شائعة في الكون أم أنها نادرة ومتناقصة، إلى درجة تجعلنا فاقدي الأمل بأن نعلم بوجود عالم حي آخر؟