نساءٌ كتبنَ التاريخ.. والجغرافيا

من عمق كيلومترٍ تحت سطح البحر، وصف "ويليام بيبي" عبر الهاتف ما رآه لِـ "غلوريا هوليستر أنيبل" (الظاهرة أعلاه إلى اليمين لدى مقر مراقبة "كرة الأعماق" بجزر برمودا). وعلى متن السفينة، كانت "جوسلين كرين غريفين" (الظاهرة في الوسط) تساعد على تحديد أنواع...
هؤلاء نساءٌ أسهمن في تمهيد السبيل لأجيال جديدة من مستكشفات ناشيونال جيوغرافيك.المرأة: قرن من التغييرسلسلة على مدار العام"احرصي على أن تكوني أول امرأة في هذا المكان أو ذاك المجال"، بهذا نصح أحد المحرّرين المصوّرةَ الناشئة، "ديكي شابيل"، إذْ حمي وطيسُ...
هؤلاء نساءٌ أسهمن في تمهيد السبيل لأجيال جديدة من مستكشفات ناشيونال جيوغرافيك.
المرأة: قرن من التغيير
سلسلة على مدار العام

"احرصي على أن تكوني أول امرأة في هذا المكان أو ذاك المجال"، بهذا نصح أحد المحرّرين المصوّرةَ الناشئة، "ديكي شابيل"، إذْ حمي وطيسُ الحرب العالمية الثانية. وقد أخذت شابيل بالنصيحة وتسللت إلى أحد شواطئ اليابان مع وحَدة من مشاة البحرية الأميركية خلال "معركة أوكيناوا" عام 1945، متجاهلةً حظرًا كان مفروضًا على وجود الصحافيات في ساحات الوغى. خسرت اعتمادها الصحافي العسكري من جراء ذلك، لكن جرأتها أكسبتها سمعةً بوصفها مراسلة حربية جريئة.
ومنذ تأسيس "ناشيونال جيوغرافيك" عام 1888، والنساءُ يحققن الإنجاز تلو الإنجاز في مجال العلوم والاستكشاف، علمًا أن إنجازاتهن لم تحظَ في كثير من الأحيان إلا باعترافٍ خافت عابر. فقد رسمن خريطة لقاع المحيط الهادي، وقهرن أعلى القمم الجبلية، وكشفن عن حضارات قديمة، وحققن أرقامًا قياسية في الغوص إلى أعماق سحيقة، وطِرن حول العالم. وكذلك استطعن فرض أنفسهن للوصول إلى الخطوط الأمامية للحروب، وجُلنَ قارات العالم.
في عام 1920، قالت المستكشفة "هارييت تشالمرز آدمز": "ليس هناك ما يمنع المرأة من الذهاب إلى حيث يذهب الرجل، بل أبعد. إن كانت امرأة مولعةً بالسفر، أو كانت تعشق كل ما هو غريب وغامض ومفقود، فلا شيء يستطيع أن يبقيها حبيسة المنزل".
ولكنّ حضور النساء في مجلة "ناشيونال جيوغرافيك" العالمية كان في كثير من الأحيان هامشيًا، إذ حجبتهن ظلالُ أزواجهن المشاهير. فعلى سبيل المثال، نشرت المجلة أكثر من اثنتي عشرة مقالة موقَّعةً باسم عالم الأنثروبولوجيا "ماثيو سترلينغ"، تتناول مكتشَفاته في مجال علم الآثار بأميركا الوسطى؛ في حين لم تحظَ زوجته "ماريون"، التي ساعدته على إجراء بعثاته، سوى بمقالةٍ وحيدة تتحدث فيها عن التدبير المنزلي في مخيمات الاستكشاف. أما "آن مورو ليندبرغ"، وهي أول امرأة أميركية تنال رخصة للطيران الشراعي، وفازت بجوائز عدّة تقديرًا لمهاراتها في الملاحة الجوية؛ فكان الوضع المجحف بحق النساء قد دفعها -في لحظة إحباط- إلى أن تكتب الكلمات التالية في مذكّراتها عام 1933، تعليقًا على حياتها مع زوجها الطيّار "تشارلز": "سحقًا، سحقا، سحقا.. لقد سئمت معاملتي 'كخادمة لسيّدها ليس إلا'".
أما أخريات غيرهن فتعرّضن للتجاهل من مُعاصريهن؛ كعالمة الجغرافيا "ماري ثارب" التي قدمت برهانًا على نظرية تحرّك الصفائح التكتونية في أوائل خمسينيات القرن الماضي، فنبذها زميلٌ لها ناعتًا إنجازها بأنه ليس إلا "لغو نساء". واضطر بعض النساء لنشر مقالاتهن في المجلة بأسماء رجالية مستعارة، كما فعلت الصحافية "جولييت بريدون" في عشرينيات القرن الماضي. بل حتى النساء الشهيرات عالميًا في زمنهن، من أمثال فلكية القرن التاسع عشر "ماريا ميتشل"، ناضلن كثيرًا للحصول على أجورٍ مُنصفة.
يَحفَل أرشيف ناشيونال جيوغرافيك بملايين الصور والوثائق من مقالاتٍ ومِنَح بحثٍ وأفلام منذ تأسيس "الجمعية الجغرافية الوطنية" (الأميركية). وتكشف أكوامٌ من شرائح الصور المصغّرة المليئة بالمخطوطات الباهتة، ومصنّفاتٌ من المراسلات المطبوعة بالآلة الكاتبة، عن قصص نساء ناشيونال جيوغرافيك الرائدات. وفي هذا التحقيق الذي بين أيديكم، نقدم تحيّتنا الخاصة لبعض هؤلاء النساء.. من الماضي والحاضر.

نساءٌ كتبنَ التاريخ.. والجغرافيا

من عمق كيلومترٍ تحت سطح البحر، وصف "ويليام بيبي" عبر الهاتف ما رآه لِـ "غلوريا هوليستر أنيبل" (الظاهرة أعلاه إلى اليمين لدى مقر مراقبة "كرة الأعماق" بجزر برمودا). وعلى متن السفينة، كانت "جوسلين كرين غريفين" (الظاهرة في الوسط) تساعد على تحديد أنواع...
هؤلاء نساءٌ أسهمن في تمهيد السبيل لأجيال جديدة من مستكشفات ناشيونال جيوغرافيك.المرأة: قرن من التغييرسلسلة على مدار العام"احرصي على أن تكوني أول امرأة في هذا المكان أو ذاك المجال"، بهذا نصح أحد المحرّرين المصوّرةَ الناشئة، "ديكي شابيل"، إذْ حمي وطيسُ...
هؤلاء نساءٌ أسهمن في تمهيد السبيل لأجيال جديدة من مستكشفات ناشيونال جيوغرافيك.
المرأة: قرن من التغيير
سلسلة على مدار العام

"احرصي على أن تكوني أول امرأة في هذا المكان أو ذاك المجال"، بهذا نصح أحد المحرّرين المصوّرةَ الناشئة، "ديكي شابيل"، إذْ حمي وطيسُ الحرب العالمية الثانية. وقد أخذت شابيل بالنصيحة وتسللت إلى أحد شواطئ اليابان مع وحَدة من مشاة البحرية الأميركية خلال "معركة أوكيناوا" عام 1945، متجاهلةً حظرًا كان مفروضًا على وجود الصحافيات في ساحات الوغى. خسرت اعتمادها الصحافي العسكري من جراء ذلك، لكن جرأتها أكسبتها سمعةً بوصفها مراسلة حربية جريئة.
ومنذ تأسيس "ناشيونال جيوغرافيك" عام 1888، والنساءُ يحققن الإنجاز تلو الإنجاز في مجال العلوم والاستكشاف، علمًا أن إنجازاتهن لم تحظَ في كثير من الأحيان إلا باعترافٍ خافت عابر. فقد رسمن خريطة لقاع المحيط الهادي، وقهرن أعلى القمم الجبلية، وكشفن عن حضارات قديمة، وحققن أرقامًا قياسية في الغوص إلى أعماق سحيقة، وطِرن حول العالم. وكذلك استطعن فرض أنفسهن للوصول إلى الخطوط الأمامية للحروب، وجُلنَ قارات العالم.
في عام 1920، قالت المستكشفة "هارييت تشالمرز آدمز": "ليس هناك ما يمنع المرأة من الذهاب إلى حيث يذهب الرجل، بل أبعد. إن كانت امرأة مولعةً بالسفر، أو كانت تعشق كل ما هو غريب وغامض ومفقود، فلا شيء يستطيع أن يبقيها حبيسة المنزل".
ولكنّ حضور النساء في مجلة "ناشيونال جيوغرافيك" العالمية كان في كثير من الأحيان هامشيًا، إذ حجبتهن ظلالُ أزواجهن المشاهير. فعلى سبيل المثال، نشرت المجلة أكثر من اثنتي عشرة مقالة موقَّعةً باسم عالم الأنثروبولوجيا "ماثيو سترلينغ"، تتناول مكتشَفاته في مجال علم الآثار بأميركا الوسطى؛ في حين لم تحظَ زوجته "ماريون"، التي ساعدته على إجراء بعثاته، سوى بمقالةٍ وحيدة تتحدث فيها عن التدبير المنزلي في مخيمات الاستكشاف. أما "آن مورو ليندبرغ"، وهي أول امرأة أميركية تنال رخصة للطيران الشراعي، وفازت بجوائز عدّة تقديرًا لمهاراتها في الملاحة الجوية؛ فكان الوضع المجحف بحق النساء قد دفعها -في لحظة إحباط- إلى أن تكتب الكلمات التالية في مذكّراتها عام 1933، تعليقًا على حياتها مع زوجها الطيّار "تشارلز": "سحقًا، سحقا، سحقا.. لقد سئمت معاملتي 'كخادمة لسيّدها ليس إلا'".
أما أخريات غيرهن فتعرّضن للتجاهل من مُعاصريهن؛ كعالمة الجغرافيا "ماري ثارب" التي قدمت برهانًا على نظرية تحرّك الصفائح التكتونية في أوائل خمسينيات القرن الماضي، فنبذها زميلٌ لها ناعتًا إنجازها بأنه ليس إلا "لغو نساء". واضطر بعض النساء لنشر مقالاتهن في المجلة بأسماء رجالية مستعارة، كما فعلت الصحافية "جولييت بريدون" في عشرينيات القرن الماضي. بل حتى النساء الشهيرات عالميًا في زمنهن، من أمثال فلكية القرن التاسع عشر "ماريا ميتشل"، ناضلن كثيرًا للحصول على أجورٍ مُنصفة.
يَحفَل أرشيف ناشيونال جيوغرافيك بملايين الصور والوثائق من مقالاتٍ ومِنَح بحثٍ وأفلام منذ تأسيس "الجمعية الجغرافية الوطنية" (الأميركية). وتكشف أكوامٌ من شرائح الصور المصغّرة المليئة بالمخطوطات الباهتة، ومصنّفاتٌ من المراسلات المطبوعة بالآلة الكاتبة، عن قصص نساء ناشيونال جيوغرافيك الرائدات. وفي هذا التحقيق الذي بين أيديكم، نقدم تحيّتنا الخاصة لبعض هؤلاء النساء.. من الماضي والحاضر.